في الوقت الذي اختار توفيق حازيب الملقب بالبيغ في السينغل الأخير المسمى l’Etranger التركيز على أجواء البار وقناني بيرة فلاغسبيسيال وأوراق رهان “المغربية للألعاب”، اختار عمر سهيلي المعروف بلقب ديزي دروس أن يصور كليبه الأخير “مع العشران” في أجواء حلال. والمشروب الوحيد الذي يرد ذكره في الكليب هو “جوج قراعي كوكا سخان”.

وفي الكليب يبدو أن ديزي دروس لم ينس أن يأخذ ثأره من البيغ الذي “شبكت” بينهما قبل سنوات “كلاشات” حامية بكلام لا يمكن حمله باللقاط، ولذلك خصص دروس للبيغ لقطة يظهر فيها الأول ممتطيا سيارة وإلى جانبه يجلس شبيه للبيغ مكمم الفم في حالة اختطاف. في إشارة مبطنة لفشل البيغ في تدجين واحتواء الموجة الشبابية من الروابة الساخطين وتكميم أفواههم رغم كل الإمكانيات المادية والتقنية التي تم وضعها رهن إشارته.

ولذلك عندما أطلق دروس كليبه “العشران” واستطاع أن يحتل الصدارة في اليوتوب، مزيلا ريهانة بجلالة بطنها من الطوندونس الفرنسي، لم يستطع البيغ أن يتحمل هذا النجاح فنشر تدوينة أشبه بصرخة مكتومة قال فيها ما معناه أن القاعدة تقول أنه لكي تصبح مشهورا يجب أن تتحدث عن البيغ.

الحرب بين البيغ ودروس بدأت عندما أطلق قبل سنوات توفيق حازب أغنية في قناته باليوتوب سب فيها وشتم عروق وأمهات بعض زملائه في الراب، وقد ظهر حازب في الرسم المصاحب لغلاف الأغنية جالسا فوق عرش ماسكا سيغارا بين أصابعه فيما إحدى قدميه فوق رأس أحد الرابورات، فيما الآخرون “شي راسو مشلخ، شي كومة، شي شبع موت ولا سكوليط”.

كلمات الأغنية كانت عنيفة جدا وفيها تلخيص لكل الحقد والاحتقار الذي يضمره توفيق حازب للأسماء الجديدة لمغني الراب الذين طفوا على سطح مستنقع الراب المغربي خلال فترة انسحابه من الساحة الفنية وانشغاله بالمال والأعمال.

ويبدو أن “الروابة” الجدد حركوا سكينا في جرح “البيغ” الغائر، وهو الذي يعتبر نفسه ملك الراب المغربي، عندما شرعوا يسخرون من تحوله إلى مغن “ملتزم” بالحدود يؤدي وصلاته الغنائية السنوية في مهرجان موازين ويتقاضى “الكاشي” مثله مثل حاجيب ويغادر في سيارته الهامر نحو مشاريعه التجارية.

ولذلك لم يستطع أن يستمر في تحمل هذا الانتقاد الذي ينسف الصورة “القبيحة”، من “القباحة” طبعا وليس القبح، التي بناها حازب حول نفسه منذ حوالي 15 سنة منذ أول مرة غنى أمام الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي محمد اليازغي خلال لقاء للشبيبة أغنيته “مغاربة تا لموت” إلى اليوم حيث انتهى يؤدي أغنية سخيفة ومحرضة على العنف والكراهية اسمها 170 كيلو، “حشمنا نكولو ديالاش”.

ولا يقتصر كليب دروس الحالي على “ردان الصرف” للبيغ فقط، بل إنه يحكي قصة صحافي يحضر ندوة صحافية لشخصية سياسية وينفجر الصحافي في وجه السياسي ويقوم بمثل ما قام به الصحافي العراقي منتظر الزيدي عندما قذف الرئيس الأمريكي جورج بوش خلال مؤتمر صحفي عراقي بحذائه.

بعد ذلك يتم اعتقال الصحافي ويتم استنطاقه ويلقى به في السجن مع “العشران”.

ينطوي الكليب على رسائل سياسية تقطع مع طراكات الروابة المغرقة في الكلام النابي والسطحية والأنا المتضخمة، حيث يحكي الكليب قصة بسيطة وواضحة مستندا لواقعة القذف بالحذاء التاريخية، حيث يأخذ الصحافي في النهاية مكان السياسي في المنصة.

كليب “العشران” يقطع مع موجة راب “الكلاشات” التي يرددها الرابورات بشكل ببغاوي والتي ليست في الحقيقة أغاني راب بل هي سلسلة شتائم يتبادلونها في ما بينهم لدغدغة الأنا المتضخمة حد التورم لكل واحد من هؤلاء الشباب الحالمين بالشهرة والمال وسلاسل الذهب وسيارات لومبرغيني والمسابح التي يغطسون فيها أجسادهم محاطين بالعشرات من الفتيات شبه العاريات، كما يَرَوْن ذلك في قنوات الموسيقى الأمريكية.

واهم من يعتقد أن كليب أو طراك مهما شاهده مئات الملايين سوف يغير الوضع، ما يغير الوضع حقيقة هو القراءة. سيشاهد الناس الكليب كما شاهدوا عشرات قبله حققت مئات ملايين المشاهدات على قنوات اليوتوب التي أنشأها هؤلاء الروابة لجني المال، وسينسى كما  نسي قبله كثيرون ليس آخرهم الملالي حفار الآبار الذي بلقطة واحدة اكتسح منصة تيك توك في رمشة عين، وأصبح اليوم نسيا منسيا. 

لذلك فلن تحقق هذه الفيديوهات سوى شيء واحد هو الثروة لأصحابها وللمنصات الموسيقية الرقمية التي تتداولها، إن الأمر في النهاية بيزنس، وكأي بيزنس هناك التاجر والبضاعة والزبون. مرحبا بك في السوق، اختر في أي مكان تريد أن تكون.

رشيد نيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *