أمام واجهة محل لبيع ملابس الأطفال، يقف هشام البكوش مع زوجته، مصحوبين بأبنائهما الثلاثة لاختيار ملابس العيد، لكنهما ينصرفان سريعا نحو محل آخر وواجهة أخرى بحثا عن أسعار في متناولهما، حتى يوفرا ما يطلبه الأطفال ويبعث الفرحة في نفوسهم في عيد الفطر.

وفي العادة، تشهد المحلات التجارية في المدن التونسية وخاصة العاصمة تونس في العادة ازدحاما كبيرا لشراء ملابس العيد، لكن هذه العادة أخذت تتراجع في السنوات الأخيرة بعد أن أجبرت الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد التونسيين على مراجعة نمط استهلاكهم.

وأعرب عدد من التونسيين عن تذمرهم من ارتفاع أسعار ملابس العيد، التي يقولون إنها تتجاوز قدراتهم الشرائية، مما دفع أغلبهم إلى الاقتصاد في الأمر.

“أسعار جنونية”

ويقول هشام البكوش (49 عاما)، وهو موظف، إن “أسعار ملابس العيد ارتفعت بشكل مجحف وغير مقبول. لم يعد بإمكان المواطن متوسط الدخل أن يوفر حاجيات الأسرة من النفقات اليومية، فما بالك بأسعار الملابس والأحذية التي تستمر في الارتفاع بشكل جنوني من عام إلى آخر”.

ويقول البكوش لموقع “سكاي نيوز عربية” إن “ملابس العيد لثلاثة أطفال تناهز 1000 دينار (نحو 330 دولارا)، وهو مبلغ مرتفع يعكس سياسة الابتزاز والمضاربة التي يلجأ إليها أغلب التجار”.

ويرى المتحدث أن فرحة الأطفال عند شراء الملابس وبهجتهم وهم يخرجون بها صباح يوم العيد هي السبب الوحيد الذي يدفعه إلى الرضوخ لتلك الأسعار رغم أنه يختار أقل الملابس سعرا.

ويتابع: “فرحة أبنائي بالملابس لا يعوضها شيء. نحاول أن نعثر على محل أسعاره مناسبة، ورغم صعوبة المهمة إلا أننا سنواصل البحث”.

بدوره، لم يخف جمال بن عمر تذمره من أسعار أحذية الأطفال التي وصفها بـ”الجنونية”، رغم أن جودتها عادية جدا.

وفي تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، قال جمال، وهو أب لطفلين أكبرهما في العاشرة من العمر، إنه “من غير المعقول أن يتجاوز سعر حذاء للأطفال 200 دينار (نحو 70 دولارا)، هناك نفقات أخرى نجبر على دفعها”.

وأضاف أن “كسوة العيد” أصبحت هاجسا يؤرق رب الأسرة. لم أقدر على شراء الملابس التي يحتاجها أبنائي، سأواصل البحث حتى الأيام الأخيرة من الشهر الكريم”.

التجار يفسرون

في المقابل، يعتبر الشريف بن عمر، صاحب محل لبيع الملابس الجاهزة وسط العاصمة تونس أن “ارتفاع الأسعار مقارنة بالعام الماضي يعود بالأساس إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج والتوريد، وزيادة مقدار الرسوم التي يدفعها التجار للسلطات.

وأضاف: “نحن أيضا نكتوي بنار الزيادات في أسعار الأقمشة والمواد الأولية. من حق المواطن أن يتذمر من ارتفاع الأسعار لكن التجار يجابهون مصاريف مجحفة أيضا”.

وتشهد تونس منذ سنوات أزمة اقتصادية.

ومع حلول شهر رمضان وعيد الفطر تتبدى الأزمة، حيث يزداد الاستهلاك، وهو ما يتزامن مع تدني القدرة الشرائية لتلبية الاستهلاك المتزايد، مما يحرم الكثير من الأسر من شراء ملابس العيد، ولجأت أسر أخرى إلى الاقتراض من أجل أن تبعث في نفوس أبنائها فرحة العيد.

فرحة منقوصة 

وكشف رئيس منظمة إرشاد المستهلك، لطفي الرياحي، أن نسبة ارتفاع تكلفة ملابس العيد لسنة 2023 تتراوح بين 20 و25% مقارنة بالأعوام السابقة وهو ارتفاع كبير يزيد من معاناة المواطن التونسي، الذي يعيش تحت وطأة زيادة أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والخدمات وغيرها.

وقال الرياحي لموقع “سكاي نيوز عربية”: “شراء ملابس العيد لطفل يبلغ من العمر 6 سنوات تتراوح بين 300 و350 دينارا (بين 100 و120 دولارا) وهو مبلغ مرتفع خصوصا إذا كانت العائلة تضم طفلين أو ثلاثة”.

وأضاف الرياحي: “رغم أن جودة الملابس المعروضة في الأسواق متوسطة وليست ذات جودة عالية إلا أن هناك زيادة مبالغ فيها في الأسعار، هذا يثقل كاهل المستهلك ويستوجب المراجعة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *