هذه الحرب كانت بمثابة نقطة فاصلة بين عصر قديم وعصر جديد. كذلك، أذكر بقول شهير اعتبر أن حرب العراق «شكلت نقطة النهاية للهيمنة الغربية على العالم التي دامت 400 عام»

 

عراب قصر الاليزي في العراق على عهد شراك، الذي أصدر مؤخراً كتاباً استثنائياً بعنوان «الآخرون لا يفكرون مثلنا»، عاش الغزو الأميركي للعراق ربيع عام 2003 «من الداخل»، يروي القصة كما عاشها

تأخذكم جريدة le12.ma، طوال شهر رمضان الكريم، في رحلة كشف أسرار حرب دمرت العراق، بناءا على تقرير إستخبارتي تأكد بعد عشرون عاما على سقوط بغداد، بأنه مضلل وعديم المصداقية.

في الملحق الإعلامي الخاص بشهر رمضان، يكتب، يتحدث، يروي، ويصرح، نقلا عن يومية الشرق الأوسط العريقة وغيرها، أكثر من مسؤول رفيع المستوى عربيا وغربيا، حول 20 عاما من عن دمار القوة العسكرية الأولى وقتها في الخليج.

 ونواصل الحلقات المفقودة في حقيقة الحرب على العراق، وهذه المرة من خلال شاهد على الحرب، إنها السفير الفرنسي السابق بغداد ق موريس غوردو مونتاني.

عراب قصر الاليزي في العراق على عهد شراك، الذي أصدر مؤخراً كتاباً استثنائياً بعنوان «الآخرون لا يفكرون مثلنا»، عاش الغزو الأميركي للعراق ربيع عام 2003 «من الداخل»، يروي القصة كما عاشها في حوار خص به ميشال أبو نجم الصحفي في «الشرق الأوسط».

وفيما يلي نص الحوار:(الجزء الثالث)

 

ثمة العديد من الدول الأوروبية مثل إسبانيا وإيطاليا وبولندا وخصوصاً بريطانيا وقفت إلى جانب الولايات المتحدة في حربها. أريد منك أن تلقي الضوء على موقف لندن ورئيس الوزراء وقتها توني بلير؟

 

أعتقد أنه التحالف الأنجلوــ ساكسوني التقليدي. لكن السياسة التي سارت عليها حكومة بلير تشكل بالنسبة لي سرّاً ولغزاً.

فإذا ولجت أميركا الحرب دون النظر في النتائج العميقة المترتبة على تدخلها العسكري، فيمكن رد ذلك لعدم فهمها العميق لشؤون المنطقة.

 أما أن تسير بريطانيا وراءها فهذا أمر غير مفهوم؛ نظراً لكونها موجودة فيها لعقود طويلة، وتعرف تفاصيلها ومشاكلها والتبعات المترتبة على الحرب.

هل ملف أسلحة الدمار كان مجرد حجة أم أن الأميركيين كانوا واثقين مما يزعمونه وأنه كانت لهم قرائنهم وأدلتهم؟ وما رأيك بموقف وأداء وزير الخارجية الأميركي وقتها كولن باول؟ هل غرر به وأعطي معلومات خاطئة كالتي شرحها في اجتماع شهير لمجلس الأمن؟

 نحن لم نحصل من الأميركيين على أي بينات تؤكد مزاعمهم.

أعتقد أن باول رجل محترم، وأنه كان صادقاً في خطابه أمام مجلس الأمن، وأنه كان يعتبر أن المعلومات التي وصلته من أجهزة المخابرات موثوقة ودقيقة.

 لكنه لاحقاً وفي عام 2008 تحديداً، عبّر عن خيبته وعن خجله مما قاله أمام مجلس الأمن؛ ما يعني أنه كان يصدق ما وصله من الأجهزة حول أسلحة الدمار الشامل.

 ورأيي أن الأميركيين خلصوا إلى تصديق المزاعم التي روجوا لها بأنفسهم.

وعلى أي حال، صدام لم يكن قديساً، وسبق له أن استخدم السلاح الكيماوي في حربه على إيران ولاحقاً ضد الأكراد.

لكن الأميركيين عجزوا عن تقديم أدلة جادة عن امتلاكه أسلحة دمار شامل أخرى.

بعد 20 عاماً على هذه الحرب، ما نظرتك الإجمالية لتداعياتها على المستوى الدولي؟

العبرة الأولى التي أتوقف عندها أن فرنسا فعلت حسناً في الوقوف بوجهها ومحاولة منع حصولها.

ورغم أننا لم ننجح في منعها، إلا أننا نجحنا في تجنب إلصاق تهمة الإخلال بالقوانين والمواثيق الدولية عن الغرب بكليته من زاوية السير بحرب غبر مبررة ولا تحظى بالشرعية الدولية.

 كذلك تتعين الإشارة إلى أن التهديد باللجوء إلى سلاح الفيتو في مجلس الأمن ووجود ثلاث دول معارضة تتمتع بهذا الحق في المجلس دَفَعا واشنطن ولندن إلى الامتناع عن طرح مشروع قرار يجيز لهما الحرب في المجلس المذكور؛ لأن مصيره الفشل.

وأريد أن أضيف أن هذه الحرب كانت بمثابة نقطة فاصلة بين عصر قديم وعصر جديد. كذلك، أذكر بقول شهير اعتبر أن حرب العراق «شكلت نقطة النهاية للهيمنة الغربية على العالم التي دامت 400 عام».

ولقد بينت هذه الحرب بروز مراكز قوة جديدة لعالم متعدد الأقطاب وبروز دور ما يسمى البلدان «الناشئة»، كما أحدثت اختلالات في الأحلاف الموجودة، حيث رفضت دول أعضاء في الحلف الأطلسي، مثل فرنسا وألمانيا، الوقوف إلى جانب أميركا.

 وحالة ألمانيا جديرة بالانتباه؛ لأنها كانت المرة الأولى التي تبعد فيها برلين عن واشنطن. وقال وزير الخارجية الألماني الأسبق يوشكا فيشر إن الحرب الأميركية على العراق كانت الحافز لتشكل «وعي أوروبي» في قارة قديمة تعبت من الحروب، وهو ما أشار إليه دومينيك دو فيلبان، وزير الخارجية الفرنسي وقتها، في خطابه أمام مجلس الأمن.

المصدر/ عن «الشرق الأوسط». بتصرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *