يعتقد بعض الباحثين أن التعليم العالي والجامعي بطرقه التقليدية يوشك على الإندثار، بحيث أصبح حتمياً أن تتوجه الجامعات والمعاهد نحو “التعليم الرقمي”. هذا التحول لن يقتصر على كليات التخصص، تلك التي تعرف باسم “الكليات العلمية“.

لكن يا ترى ماذا سيحدث؟. تتوقع بعض الدراسات أن تتخلى الجامعات وخلال فترة لا تتجاوز سبع سنوات، عن المناهج التقليدية، وتنتقل إلى مناهج مرنة تواكب التحول الرقمي.

هناك من يذهب بعيداً متوقعاً الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لكتابة ملخصات الدروس وتسجيلها كمادة صوتية أو مقاطع الفيديو يستمع لها ويشاهدها الطلاب في المدرجات.

على سبيل المثال في كليات الإعلام، وهو مجال عملي، يدرس الطلاب الصحافة المكتوبة بأنواعها الثلاثة،أي الورقية والإلكترونية، وصحافة الوكالة، كما يدرسون التلفزيون والإذاعة، وعلوم التواصل،  ستكون هذه العلوم عبر البوابات الرقمية،لأن الجامعات الحديثة تضع مناهجها على شبكة الانترنيت.

وبالتالي فإن دور الأساتذة سيكون شرح المناهج، ثم يطلبون من طلابهم تعميق البحث عبر الإنترنيت.

نحن ندرس حالياً طلابنا قواعد كتابة الأخبار ونقول لهم إن هناك خمس قواعد يجب أن تتوفر في كتابة أي خبر، وهي أن يجيب الخبر على الأسئلة الست : ماذا، متى، أين ،كيف، من ، لماذا، والقاعدة الثانية “قاعدة الهرم المقلوب”بحيث يكون أهم جزء في الخبر مطلعه.

ثم قاعدة “المقدمات الخمس”التي تقول إن أي خبر يمكن أن يبدأ بواحدة من هذه المقدمات. وقاعدة “التوثيق” التي تحتم ضرورة وجود مصدر أو مصادر في أي  خبر وإذا لم يتوفر ذلك يصبح خبراً زائفاً، ثم قاعدة “التوازن” بحيث يشتمل الخبر على مواقف أو معلومات جميع الأطراف إذا كانت هناك عدة أطراف في الخبر. هذه القواعد ستبقى، لكن على الطالب البحث في مواقع الشبكة على جديد كتابة الأخبار.

بيد أن هناك من يذهب في توظيف التعليم الرقمي إلى حدود أبعد، هؤلاء يعتقدون أنه سيأتي زمن سيلغي فيه دور الصحافي ، وعبر الذكاء الاصطناعي  (AI) وأيضاً عبر موقع ChatGPT يمكن كتابة المواد الصحافية وهو مجرد حاطب ليل.

اعتقادي أن هذه شطحة، إذ إن تدفق المعلومات عبر وسائل الإعلام هي عمل ميداني ، على سبيل المثال ، أهم واقعة حدثت في العالم في الآونة الأخيرة ، هي زلزال تركيا وسوريا ، وغطى هذا الحدث وما يزال جيشاً من الصحافيين، لذلك أطرح سؤالاً هل كان يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي لتغطية حدث كهذا ، هذا بالضبط يماثل ما قيل كذباً إن هناك شركة استخدمت الفئران للبحث عن أشخاص تحت الأنقاض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *