طلبت مني صحافية ألمانية تدعى”كارمين”ربطتني بها علاقة عمل خلال سنوات أميركا، مساعدتها لزيارة الشقة التي أمضى فيها الكاتب محمد شكري سنواته الأخيرة، وهي شقة تقع في “زنقة البحتري”.

كانت شقة مرتبة ومنظمة.. أرفف من الكتب وصور مختلفة على الجدران ولوحات تشكيلية، لعب أطفال ومزهريات وأشرطة موسيقية ومسجلات ومجلدات ضخمة تضم جميع المقالات التي كتبت عنه.لا أدري ماذا حدث لتلك المقتنيات.

اقترحت كارمين كذلك أن تزور قبره في مقبرة “مارشان”بطنجة التي تقع على ربوة تطل على البحر الأبيض المتوسط. كما طلبت زيارة بعض الأمكنة التي كان يتردد عليها شكري.

اقترحت عليها “فندق رويال”حيث كان يقيم عندما يأتي إلى الرباط، وحانة كان يتردد عليها كثيراً في طنجة وباتت تحمل اسم “الخبز الحافي”روايته ذائعة الصيت.

في إطار ترتيب زيارة الصحافية الألمانية، زرت فندق “رويال” الذي يقع في شارع صغير متفرع من شارع علال بن عبدالله في وسط الرباط .

أبلغت موظف الاستقبال بالزيارة المرتقبة للصحافية الألمانية، واقتراحها أن تقيم بضعة أيام في الغرفة التي كان شكري يقيم فيها عندما يزور الرباط.

عرجت بعد ذلك على بائع صحف وكتب في شارع محمد الخامس ، يدعى محمد التويسي، اعتاد شكري أن يقتني منه صحف المساء في تلك الأيام التي كان ينتظر القراء صحف الصباح حتى منتصف الليل .

كنت أرغب كذلك في اقتناء نسخة في حجم كتب الجيب من كتاب “ذاكرة ملك”.أبلغني التويسي أنها نفدت ووعدني بتدبير نسخة ، سمعت منه أيضاً أن الكتب الأكثر مبيعاً تلك التي تتحدث عن التاريخ، كما سمعت منه الجملة التي أعتدت عليها « هذا الجيل لا يقرأ الكتب“.

عودة إلى محمد شكري. رحت أقرأ بعض رسائله عسى أن أجد أمكنة أخرى اقترحها على الزميلة الألمانية .أثار انتباهي الإهداء الذي كتبه لي في أول صفحات راويته”وجوه” يقول الإهداء: إلى العزيز… مع أجمل ذكرياتنا أينما كنا. محمد شكري . أصيلة  15 ـ 6 ـ 03 ، كان من عاداته أحياناً ألا يكتب رقم ألف أو الفين في التاريخ.إهداء آخر، لروايته “الخبز الحافي”كتب يقول “تذكار وصداقة العزيز … مع المحبة والذكريات المجنونة الجميلة من الشحرور الأسود. محمد شكري. الرباط 15 ـ 11 ـ 1983

عندما كان يضيق بي الحال والأحوال كنت أحمل نفسي وأذهب إلى طنجة للقاء شكري.

في شهر نوفمبر 2003، غادر محمد شكري دنيا الناس هذه. أرقد في سلام أيها الصديق العزيز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *