تحل اليوم ذكرى رحيل الأديب المغربي الكبير إدمون عمران المالح (15 نوفمبر 2010) الكاتب والصحفي المغربي اليهودي المعارض للصهيونية.

لقّبه جيرانه وأصدقاؤه بالحاج إدمون. دخل عالم الكتابة الأدبية والفلسفية بعد الستين.

ولد إدمون عمران المالح يوم 30 مارس 1917 في مدينة أسفي بعدما هاجرت إليها عائلته ذات الأصول الأمازيغية من أقصى شرق سوس جنوب المغرب.

اشتغل إدمون المالح مدرسا لمادة الفلسفة بمدينة الدار البيضاء وصحافيا في جريدة “ليسبوار” (الأمل)، وكتب باسم مستعار هو عيسى العبدي في مواضيع متنوعة شملت الثقافي والفني والسياسي والاجتماعي.

أنجز تحقيقات اجتماعية عديدة عن العمال والفلاحين وعمال ميناء الدار البيضاء.

الصحفي

رحل إدمون المالح إلى فرنسا عام 1965 واشتغل مدرسا للفلسفة وكتب في منابر صحفية متعددة منها صحيفة “لوموند“.

كان إدمون عمران المالح مسؤولا في الحزب الشيوعي المغربي، وناضل من أجل استقلال المغرب.

تخلى عن نشاطه السياسي عام 1959 وبعد أحداث 23 مارس 1965 الدامية ومعارضته حكم الملك الراحل الحسن الثاني والكثير من قراراته، اختار الهجرة الطوعية إلى فرنسا.

لم تؤثر غربته لنحو 35 سنة في صلته وارتباطه القوي بالمغرب وقضاياه، وعاد إليه عام 2000 ليستقر في مدينة الصويرة ويواصل فيها الكتابة.

نُقل عنه قوله مرات عديدة: “أنا مغربي يهودي لا يهودي مغربي، مناضل عربي وطني، أحمل بلدي المغرب أينما ذهبت“.

معارض

عارض إدمون المالح بشراسة تهجير الآلاف من اليهود المغاربة نحو إسرائيل في منتصف الستينيات، وفند الأطروحات الصهيونية التي سعت لتبرير ذلك.

قال بوضوح “لا أعرف أية دولة اسمها إسرائيل”. دافع عن قضية الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال الإسرائيلي، وأصدر بيانا عن مجزرة جنين عام 2004 بعنوان “أنا أتهم”، أدان فيه الوحشية الإسرائيلية.

أدان عمران المالح العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واعتبر الصهيونية حركة عنصرية تتباهى بقتل الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، ورفض توظيف “المحرقة اليهودية” لتبرير الصهيونية واستغلالها اليهود الذين ماتوا أو لم يموتوا فيها.

رفض ترجمة أعماله إلى العبرية حتى لا تتاجر إسرائيل بأفكاره، وتمنى الصلاة في القدس عندما تتحرر من الاحتلال.

بدأ عمران المالح في الكتابة والتأليف عام 1980 وهو في سن 63، وقال عن نفسه وهو الأستاذ الجامعي إنه دخل عالم الكتابة بالصدفة.

انطلاقته نحو عالم الكتابة كانت في باريس حيث اشتغل على نشر الكتب والتعريف بها في الصحافة الفرنسية، ومنها جريدة “لوموند“.

وصفت كتاباته بأن لها هوية مركبة كسرت القواعد المألوفة في السرد الأدبي والنقد، شملت الرواية والنقد الأدبي والفني.

رغم أنه كتب باللغة الفرنسية، فإن الدارجة المغربية حضرت في مؤلفاته وإبداعاته التي ركزت على المبادئ الإنسانية وقيم العدالة والمساواة ورفض الظلم.

كما اهتمت كتاباته بتاريخ النضال من أجل استقلال المغرب وبالهوية الثقافية واللغة الأم والسيرة الذاتية، والتعريف بالطقوس والعادات المغربية، وكذلك بقضية التعايش والتسامح الديني في المغرب وقضية الشعب الفلسطيني، وفضح الصهيونية.

ترجمت جل أعماله إلى اللغة العربية، وظل مرتبطا بالقراءة والكتابة وأدمنهما وفاء لعبارته الشهيرة “ما دمت أقرأ وأكتب فأنا موجود“.

مؤلفات إدمون عمران المالح                                                                                                                 

ألف إدمون عمران المالح نحو عشرة كتب أولها “المجرى الثابت” عام 1980، و”أيلان أو ليل الحكي” عام 1983، و”ألف عام بيوم واحد” عام 1986، و”عودة أبو الحكي” عام 1990.

كما ألف “أبو النور” عام 1995 و”حقيبة سيدي معاشو” عام 1998 و”المقهى الأزرق: زريريق” عام 1998 و”كتاب الأم” عام 2004. وكان كتاب “رسائل إلى نفسي” (2010) آخر كتبه وهو عبارة عن تأملات تاريخية وفلسفية وشعرية.

حصل إدمون المالح على جائزة الاستحقاق الوطني (أرفع جائزة ثقافية وأدبية رسمية تُمنح في المغرب) عام 1996 عن مجموع أعماله، ونال عام 2004 وسام الكفاءة تقديرا لإنتاجه الأدبي ولمواقفه الوطنية.

*كتوبنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *