أثارت دعوة محمد السادس لعبد المجيد تبون، الرئيس الجزائري لزيارة المغرب قصد الحوار، الذعر في نفوس الجناح العسكري المتشدد في الجزائر.

ذلك أن هذا الجناح يخشى أن تعود العلاقات المغربية الجزائرية إلى طبيعتها.

ويخشى التبعات  الخطيرة لأي تقارب بين البلدين على الأوضاع الداخلية الهشة في الجزائر.

ف”استقرار” هذه الأوضاع يبقى رهينا باستمرار العداء للمغرب واعتباره عدوا “أبديا” للنظام العسكري، طالما أنه يلعب دور الشماعة التي تعلق عليه كل المشاكل التي تتخبط فيها الجزائر.

ومتى أزيلت هذه الشماعة فإن مآل النظام هو الانهيار، وهو ما يحاول أن يتفاداه النظام.

أصيب النظام الجزائري، مجددا، بالسعار، مباشرة بعد انتهاء قمة “تشتيت الشمل” الفاشلة.

وعاد النظام إلى التهجم المجاني على المغرب بدون مناسبة، رغم أنه يمكن فهم دواعي السموم التي يبثها النظام ضد المغرب.

فالنظام الجزائري الحاقد على المغرب خرج مهزوما من القمة بعدما أرغم على قبول شروط المغرب من أجل تمرير القمة التي قطعها ملوك ورؤساء أزيد من نصف الدول الأعضاء في الجامعة العربية.

اضطرت الجزائر صاغية إلى قبول  شروط المغرب ودول عربية أخرى، ومنها: ادانة التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، وعدم طرح قضية سوريا  ولا ما يسمى بالكيان الوهمي في  تندوف الذي ترعاه الجزائر.

وأشادت القمة بجهود الملك محمد السادس ودعمه للقضية الفلسطينية.

وارغمت الجزائر على اعتماد خريطة المغرب كاملة بعدما حاول عن طريق قناة جزائرية التحايل على الخريطة بوضع خط فاصل بين الأقاليم الشمالية للمغرب و أقاليمه الجنوبية.

لكن نوبة السعار الأخيرة التي استبدت بنظام العسكر، والتي عبرت عنها  مخابرات النظام عبر وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية التي انحرفت عن مسارها الإعلامي وتحولت إلى بوق دعائي للمخابرات  الجزائرية.

لا يمكن تفسيرها  سوى بحرص النظام على تغذية عداوته للمغرب لضمان استمراره في السلطة وخنق الأنفاس 40 مليون جزائري  يعيشون  ظروفا اجتماعية واقتصادية خانقة  في بلاد الغاز!!

 هذه الوكالة المتخصصة في مهاجمة المغرب، اتهمت مساء الجمعة وزير الخارجية ناصر بوريطة بـ”تسويق الوهم عن طريق التزوير الضعيف” عبر اختلاق دعوة مزعومة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لزيارة المغرب، 

نبرة العنف  اللفظي التي اتسم بها مقال المخابرات الجزائرية كانت غير عادية، خاصة أنها جاء بعد أيام قليلة من انتهاء القمة العربية، التي لجأ خلالها النظام الجزائري إلى الهدنة.

ومن خلال قراءة المادة المسمومة التي أوردتها وكالة الأنباء الجزائرية، يتأكد الرعب الذي يثيره المغرب في نفوس نظام الجارة الشرقية، بسبب سياسة اليد الممدودة.

فأقسى الضربات التي يوجهها المغرب للنظام  تتجلى في تشبثه بتطبيع علاقاته مع الجزائر. 

هذه العلاقات التي قطعها النظام العسكري مع المغرب من جانب واحد، في أوج حقده على المملكة.

إن أخشى ما يخشاه النظام  الجزائري هو أن يتحقق التقارب  بين البلدين  الذي لا يرى فيه النظام أية مصلحة، بل يسير في الاتجاه المعارض لها.

ثم إن النجاحات التي حققتها الدبلوماسية المغربية على كافة الأصعدة، خاصة في ما يتعلق بقضية الوحدة الترابية للمملكة، والتي تسببت في انهيار الأطروحة الانفصالية التي ترعاها الجزائر، تفسر إلى حد كبير عداوة النظام ضد المغرب.

وفي المحصلة، فإن المغرب سيواصل تشبثه بعقيدته التي تطبع  سياسته الخارجية المبنية على حسن الجوار  واحترام سيادة الدول ورفض التدخل في شؤونها الداخلية.

ومن دون شك، فإن النضج السياسي للمغرب وتاريخه المتجذر وأصالته، لن يجعله ينجر إلى ما وصل إليه النظام الجزائري من انحطاط وسفالة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *