مرت خمسة شهور على المصالحة المغربية الاسبانية، بعد أزمة دبلوماسية وسياسية، استغرقت أزيد من سنة، تسببت فيها الحكومة الاسبانية في عهد وزير خارجيتها السابقة “أرانشا غونزاليث لايا”، على إثر استقبال زعيم الجبهة الانفصالية إبراهيم غالي فوق التراب الاسباني، قصد العلاج من مضاعفات كوفيد 19.

واستأنف الطرفان علاقاتهما الدبلوماسية، بعد مفاوضات شاقة وطويلة، انتهت بإعلان الحكومة الاسبانية لدعمها لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، وزيارة رئيس الحكومة الاسبانية بيذرو سانشيز، للمغرب واستقباله من طرف الملك محمد السادس في 7 أبريل.  

منذ ذلك الحين، عادت العلاقات الإسبانية المغربية إلى أجوائها الطبيعية، بشكل تدريجي ولكن بشكل ثابت ومتواصل، حيث تمت إعادة فتح الحدود البرية والبحرية بين البلدين، مما سمح بتنقل الأشخاص والبضائع في الاتجاهين، بشكل سلس.

عانت إسبانيا أكثر بفعل إغلاق الحدود مع المغرب لفترة تزيد عن سنتين، بفعل ظهور جائحة كوفيد 19، ثم الأزمة الدبلوماسية مع المغرب. وعانت مدينتي مليلية وسبتة، بالخصوص، من ركود تجاري واقتصادي غير مسبوق، تسبب في خسائر مالية جسيمة، وأدى إلى إغلاق بعض المقاولات بالثغرين المحتلين. 

واستُثنيت الموانئ الاسبانية من عملية عبور مرحبا، التي كانت تُدر على الخزينة الاسبانية موارد مالية هامة.

لذلك، فإن من بين الإنجازات الملموسة لهذه الشهور الخمسة من “المرحلة الجديدة” إعادة فتح  المعابر الحدودية مع سبتة ومليلية، واستئناف عملية العبور مرحبا، إضافة إلى استئناف عمليات التنسيق والتعاون بشأن الهجرة والأمن. 

وقد أدى هذا التعاون إلى الحد من ضغط الهجرة القادمة من السواحل الجنوبية لإسبانيا، سواء على حدود سبتة ومليلية أو على طريق الكناري.  

ورغم إعادة فتح المعابر الحدودية مع مليلية وسبتة، واستئناف الموانئ الإسبانية لأنشطتها، إلا أنه ما تزال هناك مسألتان “عالقتان” لم يتم إحراز تقدم بشأنهما، ويتعلق الأمر بترسيم حدود المياه الإقليمية بين جزر الكناري والمغرب وإقامة الجمارك التجارية في سبتة ومليلية.  

بالنسبة للطرف المغربي، فإن  التحول الإيجابي الذي طرأ على موقف الحكومة الاسبانية بشأن النزاع المفتعل في الصحراء المغربية ودعم  اسبانيا لمقترح الحكم الذاتي، يعتبر أهم مكسب واكب عملية المصالحة بين البلدين.

أما بالنسبة للطرف الإسباني، فإن استئناف الرواج التجاري مع المغرب عبر الحدود البرية، وتنقل الأشخاص، مكن من وضع حد للركود الذي كان يخيم على مدينتي مليلية وسبتة، مما أسهم في انتعاش تجاري واقتصادي ملحوظ بهاتين المدينتين.

وعلى العموم، فإن الطرف الاسباني استفاد كثيرا من المصالحة مع المغرب، على المستويين التجاري والاقتصادي. ويبدو أن المسألة  “السلبية” الوحيدة التي يسجلها الطرف الاسباني، تتمثل في الأزمة التي افتعلها النظام الجزائري، بعد الاعتراف الاسباني بوجاهة وصدقية وجدية الحل المقترح من طرف المغرب لتسوية ملف النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، حيث استدعت الجزائر سفيرها في مدريد في 8 يونيو، كما أعلن النظام الجزائري تعليق العمل بمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون الموقعة مع إسبانيا عام 2002. 

هذه الإجراءات الانتقامية من طرف الجزائر ضد اسبانيا، كان لسبب وحيد هو التحول الإيجابي لموقف اسبانيا من النزاع في الصحراء المغربية.

انتقام يترجم اليوم إلى تقليص العلاقات الثنائية في مجالات الهجرة والأمن، ورفع أسعار الغاز وتقليص إمداداته نحو اسبانيا. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *