يؤكد الناشط الحقوقي والباحث في الثقافة الأمازيغية، أحمد عصيد، في الحوار التالي، أن مراجعة مدونة الأسرة أضحت حاجة مجتمعية مُلحة، مضيفا أن خطاب العرش سمح بإمكانية فتح هذا الملف.

واعتبر عصيد، أن من ضمن القضايا التي ينبغي أن يشملها إصلاح  المدونة، نظام التعصيب في الإرث، الذي ينبغي التخلي عنه على اعتبار أنه لا وجود لنص قطعي بشأنه.

حوار: جمال بورفيسي

عاد الحديث عن إصلاح مدونة الأسرة مُجددا، خاصة بعد خطاب العرش الأخير، مارأيكم في الجدل الذي يثيره هذا الموضوع؟

إن خطاب العرش الذي ألقاه الملك محمد السادس بمناسبة مرور 23 سنة على توليه العرش، يحمل إشارات جد إيجابية بالنسبة لموضوع المرأة والنهوض بأوضاعها، حيث سمح مجددا بإمكانية فتح ملف مراجعة مدونة الأسرة، وهو ما يمكن اعتباره مسألة مهمة. 

إن مراجعة المدونة يطرح نفسه بإلحاج بعد ما يناهز عقدين من إقرارها، في ظل التحولات والمتغيرات الكثيرة التي طرأت في المجتمع وعلى حياة الناس ونمط تفكيرهم.

ما هي المجالات التي يمكن أن يشمله الإصلاح، خاصة أن هناك من يضع خطوطا حمراء على بعض القضايا مثل قضية المساواة في الإرث؟ 

إن مجالات المراجعة يمكن أن يطول عددا من الأمور والقضايا، أبرزها على سبيل المثال لا الحصر،نظام التعصيب في الإرث، الذي يستدعي المراجعة،على اعتبار أنه لا وجود لنص قطعي بشأنه، بل هو اجتهاد فقهي. 

التعصيب مُجحف للنساء ولا يتناسب مع مقاصد الشريعة الإسلامية، وليس له سند في القرآن. وإثارة موضوع التعصيب للنقاش العمومي يكتسي أهمية خاصة ويجد مبرراته في عدد من الضرورات الشرعية والواقعية.   

إن نظام التعصيب في الإرث ينبغي تجاوزه، لأنه لم يعد يساير تطلعات الناس والمجتمع،وهو ما يقتضي التخلي عنه.   

 هناك من يقول إن مراجعة قضايا مثل المساواة في الإرث ليست أولوية وليست مطلبا مجتمعيا مُلحا، ما رأيكم؟  

بالعكس، هناك قضايا مُلحة تفرض نفسها، وينبغي استحضار الأهداف والغايات من الإصلاح. ينبغي أن نسعى إلى تحقيق الإنصاف ورفع الإجحاف الذي يلحق بالمرأة، بصفة خاصة. ولا يمكن تبرير التأخير في مراجعة بعض الأمور التي تهم حياة الناس.                                  

 في الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، إشارات قوية. إنه يفتح المجال لتجديد مدونة الإصلاح لتساير التحولات الطارئة على حياة الناس. إن المطلب ليس مطلب هذه الفئة أو تلك، بل هو مطلب مجتمعي، وقد سبق للعديد من المؤسسات أن دعت بشكل صريح إلى ضرورة فتح ملف  مراجعة مدونة الأسرة. 

أشير، في هذا الصدد، إلى أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي البيئي، أعلن أنه “آن الأوان لمراجعة مدونة الأسرة، بما يتلاءم مع مقتضيات الدستور ومضامين الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وبما ينسجم مع طموحات تحقيق التمكين للنساء المغربيات وتعزيز المساواة بين الجنسين المعبر عنها في النموذج التنموي الجديد”، كما أن  المجلس الوطني لحقوق الإنسان سار في هذا التوجه الإيجابي نفسه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *