إدريس الفينة

 

ما نتتبعه، اليوم والأمس، من صراعات داخل الأحزاب أدت إلى تفتت واندثار بعضها وتشرذم أخرى مردّه غياب الديمقراطية داخل هذه الأحزاب نفسها. فرغم أنها تطالب كلها بالديمقراطية فإنه يصعب عليها تطبقها داخليا والإيمان بها وترجمها في قوانين ملزمة للجميع.

زعماء يثبتون نفسهم بفضل منطق العصابات رغم أنف الجميع ويظنون أنهم معينون وغير منتخبين.. يوميا هناك طرد وطرد متبادل، اقتتال، محاكم، سرقات لأموال الأحزاب، تهريب للمؤتمرات، تزوير لصناديق التصويت، إغراق للمؤتمرات بالحتلات..

هذه فقط بعض مظاهر الفساد والإفساد الحزبي في بلادنا.. كل الأحزاب، مع الأسف، تطالب بحصتها في تدبير المرافق العمومية في حين أنها غير قادرة على تدبير الاختلاف داخلها وغير قادرة على أن تتجاوز عتبة الفساد الداخلي.

هذه الممارسات تظهر لنا أننا لسنا ديمقراطيين، وهو وضع يعطي الانطباع بأننا نحتاج إلى إسمنت آخر لتجميع البشر في إطارات حزبية ونقابية غير الديمقراطية لأننا لا نعرفها رغم كثرة ترديدها لهذا المصطلح. فالديمقراطية هي ممارسة يومية داخل البيت وداخل الإدارة والمقاولة والحزب والنقابة. إنها ثقافة وسلوك يومي يقتدي القبول بالاختلاف للتقدم إلى الأمام.

الغرب اكتشف الديمقراطية واكتشف المدينة واكتشف الدولة والقانون والفلسفة والعلوم والتكنولوجيا. كل هذه الأشياء مرتبطة في ما بينها، ما جعل منه، منذ اليونان القديمة والرومان واليوم، حضارة متجددة على مسافة كبيرة مع كل من لم يجد بعد للديمقراطية سبيلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *