*حسن البصري

لم يعد كأس أمم إفريقيا شأنا ذكوريا بسبب المؤثرات الناعمة للعنصر النسوي في بطولة تجمع حولها الأفارقة أكثر مما تجمعهم منظمة الوحدة الإفريقية.

دخلت الحكمة الرواندية سليمة موكانسانغا التاريخ من دوالا، حين قادت مباراة جمعت غينيا وزيمبابوي ضمن منافسات الجولة الثالثة للمجموعة الثانية من بطولة كأس الأمم الإفريقية المقامة حاليا بالكاميرون. لكن سليمة لم تسلم من سخرية الذكور، حين كانت بصدد توجيه إنذار للاعب زيمبابوي ولم تجد البطاقة الصفراء في جيبها، تطوع أحد لاعبي غينيا فعثر، مشكورا، على البطاقة في الملعب وسلمها للحكمة فانتشلها من حيرتها، لتعجل بإشهار البطاقة في وجه لاعب كاد أن يعفى من المخالفة.

هذه الواقعة الطريفة لم تنل من سليمة، التي تعاملت مع الموقف بدون انفعال وقالت مازحة: “المهم أن الصفارة لازالت عالقة في فمي”.

ولأن سليمة تشغل مهمة ممرضة رئيسية في بلدها رواندا، فقد تحولت في معسكر الحكمات إلى مستشارة في الخدمات الصحية، بل إنها عبرت عن استعدادها للمساهمة في إغاثة ضحايا التدافع الذي شهده ملعب بول بيا بالعاصمة ياوندي، وكتبت في تغريدة لها: “حين تكون الحكمة ممرضة بالمهنة تتحول إلى ملاك للرحمة في الملعب”.

ربما لا توافقها الحكمة المغربية بشرى كربوبي الرأي، لأنها تنتمي إلى قطاع الأمن، باعتبارها مفتشة شرطة في ولاية مكناس، وتصر على أن الشخصية البوليسية أنجح في قطاع التحكيم، لأن الفصل بين المتنازعين من المهام اليومية للشرطة، لقد دخلت بشرى التاريخ والجغرافية حين صنفت كأول حكمة تقود غرفة تقنية الفيديو المساعد “الفار”، في بطولة أمم أفريقيا “للذكور” في الكاميرون.

لهذا ينجح البوليسي والديواني والجدارمي والمخزني والجندي حين يتعاطى التحكيم في المغرب، ويمتد النجاح لنساء هذه القطاعات الأمنية. 

وإلى جانب بشرى، عين اتحاد الكرة الأفريقي، المغربية فتيحة جرمومي كحكمة مساعدة، علما أنها قادت بعض مباريات بطولة كأس الأمم الأفريقية تحت 23 سنة، المؤهلة إلى أولمبياد طوكيو 2020، وكانت تقود المواجهات الذكورية بطلاقة حد السخرية فتخرج لسانها مازحة من لاعب تظهر عليه أعراض الاحتجاج والتحرش. 

تجاوز الحضور النسائي في البطولة الإفريقية حاملات الصفارات، إلى حاملات صفارات الإنذار، فقد أرسلت حكومة الرأس الأخضر مديرة الصحة ماتريكا فيغودا على عجل إلى الكاميرون، مباشرة بعد نشر خبر تفشي التهاب المعدة والأمعاء بسبب التسمم الغذائي الذي أصاب ثمانية أشخاص، من بينهم خمسة لاعبين. حلت المدير بفندق منتخب بلادها محملة بالدواء برفقة طاقم طبي، ونسيت الطباخ والغذاء.

لحسن حظ منتخبنا أن رحلاته إلى القارة الإفريقية لا تكتمل إلا بوجود طباخ يحمل لقب بطولة وكأس في مسابقة “ماستر شاف”. 

ليست فاطمة سامورا هي المرأة التي تحكم الكرة الإفريقية خلف الستار، بل الثرية بريشوس مولوي ذات الأصول البوتسوانية وحرم رئيس “الكاف” باتريس موتسيبي، فهي ليست مجرد زوجة حاكم الكرة بل مسؤولة قيادية في نادي صن داونز الجنوب إفريقي.

شوهدت بريشوش في حفلات القرعة ولفتت الأنظار في المنصة الرسمية لكبار الشخصيات، لكنها لم تلعب دورها كاملا لأن منتخب بلدها غائب عن الدورة. حرم الرئيس تشتغل في مجال الموضة وتملك “ماركة” أزياء عالمية ولها باع طويل في اختيار “ديزاين” قمصان منتخبات بلادها، في انتظار انتقاء اللاعبين نيابة عن المدرب.

*كاتب صحفي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *