إعداد: عبدو المراكشي

هي أسماء كثيرة حلّقت بعيدا عن أرض الوطن لتصنع تاريخها في المهجر. من الرياضة إلى السياسة، فالثقافة والبحث العلمي والاقتصاد وعلم الاجتماع.. أسماء لمعتْ في شتى الميادين، فرّقتها الجغرافيا ووحّدها اسم المغرب.. ونقدّم لكم لمحة عن بعضهم في هذه الفسحة الرمضانية

في حلقة الليلة من “قصص أسماء مغربية سطعت في المهجر” سنعود لنسافر مع عالمنا المغربي في مراكب “نازا” الأمريكية ونتوقف معه في محطات كان المرّيخ إحداها..

بفضل تفوقه الدراسي، سافر مهندس للاتصالات وعالم الفضاء في وكالة “ناسا” الأمريكية، في أواسط ثمانينيات القرن الماضي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ليتابع دراسته في تخصصه.

كانت 1993 نقطة تحوّل في مسار ابن فاس التي منها بدأ وهو في الثامنة عشرة، أولى خطواته في درب الألف ميل. شد الودغيري الرحال، إذن، في ثمانينيات القرن الماضي إلى الولايات المتحدة الأمريكية واستقر به المقام في لوس أنجلس، متأبطا شهادة الباكالوريا، وهو يتطلع بعين العالِم إلى المجرّات والنجوم البعيدة.

تابع دراساته العليا في الاتصالات في جامعة جنوب كاليفورنيا. وهناك تفتّقت موهبته العلمية، متفوقا على بقية زملائه.

ولأنهم في أمريكا اعتادوا، منذ الصغر، على الدراسة التطبيقية، بينما يركز التعليم في المغرب على الناحية النظرية، وجد الودغيري نفسه في أمريكا، كما قال في حوار صحافي، أكثرَ معرفة بالناحية النظرية من بقية زملائه.

لكنّ ذلك لا يعني أن درب هذا الشاب المغربي كان مفروشا بالورود وهو يتسلق درجات العلم والتعلم. وفي هذا السياق قال إنه مرّ بالعديد من لحظات اليأس. فمن أجل مواصلة الدراسة كان عليه أن يحصل على نتائج جيدة، لكن المدارس الجيّدة في المغرب مكلفة جدا. لكن كل تلك العراقيل لم تقف دونه ودون مواصلة الكفاح من أجل تحقيق حلمه.

أبان الودغيري عن مقدورات علمية هائلة وهو يجتاز عدة اختبارات ومقابلات علمية بين أزيد من 5 آلاف مرشح، لينجح، رفقة خمسة طلبة آخرين، في الحصول على وظيفة “باحث” في مختبر الدفع النفاث في باسادينا، الذي يعد أحد أهم مراكز البحث التابعة لوكالة الفضاء الدولية “ناسا”.

ثم، سنوات بعد ذلك، سيكون واحدا بين أفراد الطاقم العلمي الذي أشرف على هبوط المركبتين الفضائيتين “سبيريت” و”أوبورتيونيتي” على المريخ.. وعن هذا الإنجاز الفريد بصفته من أول مَن وصلوا إلى كوكب المريخ قال الودغيري: “ظنّ الناس أننا مجانين وقالوا إن الطريقة الجديدة لن تعمل.. لذلك كانت الفرحة كبيرة عندما تبين أن عمل سنوات قد أعطى أكله”.

أشرف الودغيري على عدد من العمليات الناجحة في وكالة “ناسا”، لكنّ أهمها يبقى هبوط المركبتين “سبيريت” و”أوبورتيونيتي” على سطح المرّيخ. ثم كان ضمن الفريق العلمي، الذي أشرف على عملية هبوط العربة الآلية “كيريوزيتي” على سطح المريخ، وكانت مهمته حينذاك متابعة الإشارات التي تصدرها الآلية أثناء نزولها فوق الكوكب الأحمر.

وبعد رحلة طويلة في الفضاء استمرت ستة شهور، نزلت مركبة “إنسايت” على سطح المريخ، في إطار مناورة محفوفة بالمخاطر ومعقدة على هذا الكوكب، الذي يطلق عليه “مقبرة البعثات العلمية”، بالنظر إلى أن نسبة فشل عمليات مماثلة تصل إلى 60%، كما وضح الودغيري.

هبط المسبار “إنسايت” التابع لوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” بسلام على سطح المريخ يوم الاثنين في بداية مهمة تستغرق عامين بوصفه أول مركبة فضائية مصممة لدراسة أعماق عالم آخر… أحد صناع هذا الإنجاز العلمي، لم يكن شخصا آخر غير المغربي كمال الودغيري رئيس قسم دراسات الكواكب بـ”ناسا”. وقد كان الهبوط ثمرة رحلة استغرقت ستة شهور قطع خلالها المسبار 548 مليون كيلومتر في رحلته من الأرض (ولاية كاليفورنيا).

وقال الودغيري، الذي صار رئيسَ قسم دراسات الكواكب في وكالة الفضاء الأمريكية، عن تجربة المرّيخ إن الهبوط على سطح المريخ إحدى المبادرات العلمية المقدامة بنتائج غير متوقعة في ما يتعلق باستكشاف الكواكب، إذ إن نسبة النجاح تبلغ 40% فقط”.

سارت المركبة “إنسايت” على خطى المركبة “كيوسيتي”، التي كانت قد هبطت بنجاح على سطح المريخ في 2012. وكانت المهمة العلمية لهذه المركبة تتمثل في تحليل التركيبة الداخلية للمريخ، ولذلك تم تجهيز “إينسايت” بمقياس لرصد الاهتزازات الزلزالية وبجهاز استشعار لتدفق الحرارة.

في هذه المهنة، يقول الودغيري، الذي قضى في وكالة “ناسا” أكثر من 20 سنة ولعب دورا رئيسيا في العديد من مهمات وكالة الفضاء الأمريكية، وخاصة ما تعلق بالمعدّات الاستكشافية للمريخ.. وهكذا أسهم في مهمّات “كيريوزيتي” و”روفرز” و”سبيريت” و”أوبورتينيتي” والمهمة الدولية “كاسيني”، التي استهدفت كوكب زحل، ومهمة القمر “غرايل” ومهمة “جونو” بشأن كوكب المشتري..

هي تجربة شاب مغربي وجد نفسه في مفترق الطرق بعد أن أنهى دراساته العليا.. لم تسعفه شواهده في تحقيق أحلامه التي رسمها ذات يوم. فسافر إلى أمريكا.

تحوّل كمال الودغيري إلى مادة دسمة في وسائل الإعلام العاليمة بعدما أشرف بنجاح على تسيير فريق التقاط الإشارات من مركبة “كيريوسيتي” التي حطت على كوكب المريخ.

كان من المهام التي أنيطت بالعالم الودغيري والفريق الذي يعمل تحت إشرافه مراقبةُ ورصد الإشارات التي أطلقتها العربة في غضون 7 دقائق أثناء هبوطها على المريخ، وهي “الدقائق السبع المرعبة”، بحسب تسمية علماء “ناسا” بسبب المخاطر التي أحاطت بـ”كيريوسيتي” في تلك المهمة العلمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *