ومع -le12.ma

 

على غرار باقي مدن الغرب، يوجد في الدار البيضاء عدد لا يستهان به من المساجد العتيقة التي تعكس قصة حضارة أمة عريقة، منها جامع “ولد الحمرا”، المعلمة الدينية في قلب المدينة القديمة، التي تفوح بعبق التاريخ وماضي العاصمة الاقتصادية.

وشَيّد مسجدَ “ولد الحمراء”، الذي يتسع لـ1500 مصلّ ومصلية، السلطان سيدي محمد بن عبد الله في 1204 هجرية الموافقة لـ1789 ميلادية. كما شهد أشغال تجديد إبان فترة حكم السلطان مولاي الحسن الأول في 1310 هجرية الموافقة لـ1892 ميلادية.

ويعدّ جامع ”ولد الحمرا” أحد المعالم الدينية والتاريخية التي قاومت عوامل الدهر والزمن لتبقى منارة دينية روحية تشرئبّ إليها أفئدة وقلوب سكان المدينة القديمة في الدار البيضاء منذ ثلاثة قرون، لتكرّس بالتالي وجودها كإرث حضاري أصلي.

ويتميز مسجد “ولد الحمرا”، بطراز هندسي فريد، على غرار هندسة المساجد المغربية، الزاخرة بالتراث المعماري الإسلامي والتأثير المتبادل لحضارات مختلفة، خاصة الأندلسية منها، التي أصبحت سمة بارزة لفن عمارة المساجد المغربية والصروح الدينية التي تعكس إبداع الصانع المغربي في الفن المعماري عبر مختلف العصور.

ونظرًا إلى ما يتمتع به من قيمة رمزية دينية وتاريخية، خضع مسجد ولد الحمرا لأشغال إعادة الترميم والتجديد أشرفت عليها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ليدشّنه محمد السادس في 16 دجنبر 2016.

واندرج ترميم مسجد “ولد الحمراء “، الذي يشكل جزءا من البرنامج الوطني لتأهيل المساجد وقاعات الصلاة الآيلة للسقوط، والذي كان الملك قد أعطى انطلاقته في وجدة بتاريخ 14 ماي 2010، في إطار العناية السامية التي ما فتئ يوليها للشأن الديني عموما وأماكن العبادة على وجه الخصوص.

وينسجم هذا المشروع تمام الانسجام، مع المقاربة التي يحث عليها الملك، والرامية إلى تثمين الرأسمال اللامادي، أحد المحددات الجوهرية لغنى الأمة.

وقد همّت أشغال إعادة التأهيل، التي تطلبت استثمارات بقيمة 8 ملايين درهم، تقوية وتجديد الأسقف وقاعة الصلاة والمنارة، إلى جانب إنجاز سقف متحرك مصنوع من الخشب المنقوش يعلو صحن المسجد. كما هم هذا المشروع تدعيم الأساسات وإصلاح الشقوق وتكسية الأرضية وتجديد شبكات المياه والكهرباء والتطهير السائل وترميم مجموع الدعائم الخشبية ومكونات الزينة وفق النمط الأصلي.

ونتجت عن هذه الترميمات تحفة معمارية غاية في الدقة والجمال جعلها تستقطب الزوار من مختلف الأقطار والأجانب الباحثين والمولعين بتاريخ المساجد ومعمارها الأصيل، ومكّن بالتالي من الارتقاء بجمالية المشهد الحضري وحماية الموروث التاريخي والثقافي للعاصمة الاقتصادية.

ويتميز جامع ولد الحمرا كذلك بوجوده في منطقة تزخر بمجموعة من المعالم التاريخية، من بينها على الخصوص متحف المدرسة ”العبدلاوية”، التي يجري تحويلها إلى مؤسسة تجمع كل ما هو متعلق بالمدينة العتيقة من وثائق ومخطوطات تاريخية ولقى أثرية عثر عليها خلال عمليات الترميم التي تشهدها المنطقة، المندرجة في إطار خطة تهيئة المدينة العتيقة للدّار البيضاء.

مميزات جعلت “جامْع ولد الحمرا” يستقطب خلال رمضان الأبرك الفضيل العشرات من المصلين، إذ تمتلئ رحابه يوميا بالمؤمنين والمؤمنات، سواء لأداء الصلوات أم تتبع الدروس الدينية المتعلقة بالوعظ والإرشاد التي يلقيها ثلة من المرشدين والمرشدات، والتي تتطرق لقضايا تهم العبادات و ةالمعاملات وفق الدين الإسلامي الحنيف وتذكر بالثوابت المغربية في الشأن الدّيني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *