لم أدع يوما أنني خبير في كرة القدم، وأستطيع أن أقول بكل ثقة في النفس أنني جاهل كبير في هذا المضمار، كما أعترف أنني كنت دائما أنتمي إلى تلك الأقلية التي كانت تستغل فترة بث المقابلات الحاسمة في التلفزيون لكي تجمع الموزيط والأسطل وتستغل انشغال الكل بالتسمر أمام الشاشات لمتابعة المقابلة للاستفراد ببرمة الحمام. 

لكن صورتين يظهر في الأولى اللاعب الجزائري حسين بنعيادة وهو يضع كفا حانية فوق فخد اللاعب التونسي حنيبعل في مستودع الملابس، بينما يظهر في صورة ثانية  

بعينين خارجتين من محجريهما وهو “يقرق بجيفة” على بلحوحة نفس اللاعب حتى كاد يزهق روحه الرياضية، أثارتا انتباهي ووجدت أنهما تجسدان بشكل فاضح العلاقة السياسية التي بين عسكر قصر مرادية الجزائر وحكام قصر قرطاج. 

ففي العلن تظهر العلاقة بين البلدين الجارين سمنا على عسل، لكن الحقيقة هي أن الجزائر تمسك في السر بخناق تونس بشكل يجبرها على الخضوع لكل رغبات العسكر. 

شخصيا أتفهم مواقف حاكم تونس العدائية اتجاه المغرب، فالرجل يكاد موقفه أمام العسكر أن يكون مثل موقف اللاعب عنيبعل في قبضة بنعيادة، بحيث لا يستطيع أن “ينفنف” أمامهم، وإلا قطع الجنرالات عن بلده إمدادات الغذاء والغاز والديون والسياحة. 

قليلون يعرفون أن تونس تصدر يوميا إلى الجزائر مليوني خبزة، وهذا “المارشي” لوحده يضمن خبز مئات الآلاف من الأسر التونسية. وإذا ما قرر العسكر اقتناء خبزهم من مخبزة أخرى فإن هذا يعني إفلاس هذا الاقتصاد الخبزي وانقطاع عائداته على الخزينة التونسية المفلسة أصلا. 

لذلك لا تطلبوا من حاكم تونس أن يصطف إلى جانب مصالح المغرب مثل بقية حكام الدول الشقيقة، فالرجل مقجوج، والصور التي يظهر فيها إلى جانب تبون مبتسما ليست سوى صور خادعة، لأن الصورة الحقيقية التي تجسد بصدق “قوة” العلاقات بين قصر قرطاج وقصر المرادية هي صورة اللاعب بنعيادة وهو “قارق” على “بلحوحة” اللاعب حنيبعل. 

هذه هي الصورة الحقيقية، أما الباقي فكله مجاملات كاذبة. 

*رشيد نيني/كاتب صحفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *