حسن البصري

كل من تابع مباراة قطر والجزائر برسم نصف نهائي كأس العرب، سيتوقف عند قاضي المباراة وحكمها البولوني سيمون مارتشينياك المثير للجدل. 

كل من شاهد أطوار هذه المواجهة سيعتقد بأن حالة سهو قد انتابت حكم المباراة، فلم يعلن عن نهايتها، أو أن عقارب ساعته قد تعطلت، بعد أن أضاف وقتا طويلا قارب العشرين دقيقة.

سيدخل سيمون موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية، لأنه كسر قانون التسعين دقيقة ومنح الجمهور “بونيس” فرجوي ضد كل أعراف وتقاليد الكرة.

لم يعبأ الحكم بالتنبيهات التي وصلته عبر اللاسلكي من الحكام المساعدين ومن غرفة الفار ومن مدرجات الملعب، ولم يهتم بالصفير القادم من كرسي البدلاء، فظل يركض خلف الكرة كالمجنون. ولولا ضربة الجزاء التي أعلنها لفائدة منتخب الجزائر لامتدت المواجهة إلى مطلع الفجر.

لأول مرة يغادر حكم رقعة الملعب تحت غضب الفريقين، ليس لأنه رجح كفة طرف على طرف آخر، بل لأنه أراد أن يكون نجما مطلقا للمباراة ويسحب بساط التوهج من اللاعبين، ويعيدنا إلى مباريات “الكابتن ماجد” التي لا تنتهي. 

في صحيفة سوابق هذا الحكم معارك ضد الروس والإنجليز والطليان والإسبان واليونان، لا فرق بينه وبين هتلر إلا بالزي والصافرة. مارتشينياك حكم يعشق رائحة النزاع يجالس محاميه أكثر مما يجالس حكامه المساعدين، رغم ذلك فهو مطلوب في الخليج العربي يدير مباريات الديربي الحارقة ويغادر المنطقة كمبعوث أممي تحفه حصانة الفيفا من كل جوانبه.

قصة هذا الحكم مع الصفارة بدأت ببطاقة حمراء تلقاها من حكم متمكن، حين كان مارتشينياك لاعبا ولم يتقبل طرده. قال له الحكم وهو يأمره بمغادرة الملعب: “إذا كنت تعتقد أنها مهمة سهلة، فحاول القيام بها”. 

ظل صدى هذه العبارة يتردد على مسامع سيمون، وحين خانته قدماه وأضحى زبونا لكرسي البدلاء، قرر أن يصبح حكما فتأتى له ذلك، بل إن الصدف قادته لملاقاة الحكم الذي أوحى له بالصفير، واعتذر له وشكره لأنه وجهه صوب المسلك السليم. 

غيرت الصفارة مجرى حياة هذا الرجل الذي أصبح أفضل حكم في بولونيا، وأضحى واحدا من السلالات التحكيمية المنقرضة، لأنه يذكرنا بكولينا الإيطالي بتقاسيمه الصارمة وصفارته القوية التي يسمعها من به صمم على حد قول المتنبي.  

ما أحوجنا إلى حكم يمدد زمن الفرجة حين يلمس سخاء اللاعبين، ويشعر بأن المتفرجين يتمسكون بتلابيب المباراة فيرفضون توقف نبضها. 

غاب حكامنا المغاربة عن كأس العرب، لأنهم يضبطون أوقاتهم على التسعين دقيقة، ويأتمرون بأوامر غرفة الفار، ولا يستمتعون بالمباريات كأنهم مجرد قطع أثاث تزين المستطيل الأخضر.

بالأمس كان أغلب حكام مباريات الدوري المغربي ينتمون لسلك القضاء والأمن، واليوم يقف حكامنا بعد كل مباراة في قفص الاتهام لتبرير الصفير، لذا نضم صوتنا لمن يطالب بإلحاق قطاع التحكيم لوزارة العدل، أليسوا قضاة الملاعب؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *