الرباط -الطيب كزرار

 

تشهد الدورة الربيعية لمجلسي البرلمان، التي ستفتتح اليوم اليوم الجمعة، محطات دستورية ورهانات تشريعية مهمة، فضلا عن مواصلة استثمار المؤسسة التشريعية لكافة الإمكانات المتاحة أمامها، سواء على مستوى التشريع أم المراقبة متعددة الوجوه وتقييم السياسات العمومية، من أجل تعزيز الانخراط في مسار النهوض بأدوارها.

وتظلّ محطة تجديد هياكل مجلس النواب، وأساسا عملية انتخاب رئيس المجلس للسنة الثالثة ولما تبقى من الفترة النيابية 2016 -2021، من أبرز المحطات التي ستميز بداية الدورة الثانية من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة.

وتنصّ مقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب على أنه ينتخب رئيس المجلس في مستهل الفترة النيابية، ثم في سنتها الثالثة عند دورة أبريل لما تبقى من الفترة المذكورة، تطبيقا لأحكام الفصل الثاني والستين من الدستور.

وتكتسي هذه الدورة البرلمانية الجديدة أهمية خاصة، في إطار التفاعل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، إذ من المتوقع أن يعرض خلالها رئيس الحكومة، في جلسة مشتركة لمجلسي البرلمان، الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، إعمالا للفقرة الأولى من الفصل الـ101 من الدستور.

وينص هذا الفصل، في فقرته الأولى، على أن “يعرض رئيس الحكومة أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، إما بمبادرة منه أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب،أو من أغلبية أعضاء مجلس المستشارين”.

وكان رئيس الحكومة، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، قد كشف، خلال الاجتماع العادي الشهري للأمانة العامة للحزب، الذي عُقد في شهر يناير الماضي، أن ”الحكومة مكبة على إعداد حصيلة عملها لنصف الولاية لعرضها على البرلمان في شهر أبريل“.

ومن شأن تقديم الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة ترسيخ علاقة الحكومة بالبرلمان، في إطار اضطلاعه بمهامه الرقابية وربط المسؤولية بالمحاسبة. كما سيشكل محطة لتقييم الإنجازات والإكراهات والبحث عن إستراتيجيات لما تبقى من عمر الحكومة والوقوف على مدى التزامها بمضامين التصريح الحكومي الذي عُرض على البرلمان.

من جهة أخرى، يأتي انعقاد هذه الدورة في سياق يطبعه الترقب، على إثر تأجيل التصويت على مشروع القانون -الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي خلال الدورة الاستثنائية للبرلمان، خاصة مع وجود خلاف داخل لجنة التعليم والثقافة والاتصال في مجلس النواب بشأن لغات التدريس.

وكانت الآمال معقودة على هاته الدورة الاستثنائية لتشكل مناسبة من أجل تمرير هذا النص التشريعي، لكن الخلافات بشأن هذه المسألة كانت تؤدي، في كل مرة، إلى تأجيل النقاش والتصويت على مشروع القانون داخل اللجنة.

ومع انعقاد الدورة الربيعية الجديدة، ستتركز الجهود حول إيجاد أرضية للتوافق حول النقطة الخلافية موضوع الجدل، وبالتالي المرور إلى عملية التصويت على مشروع القانون المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.

ويُتوقع أيضا أن تعرف هذه الدورة أجندة مكثفة على المستوى التشريعي، من خلال الانكباب على مشاريع قوانين مهمة ومؤطرة، من ضمنها مشروع قانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها؛ ومشروع قانون رقم 63.17 ويتعلق بالتحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية؛ ومشروع قانون رقم 64.17 ويقضي بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 1.69.30 الصادر في 10 جمادى الأولى 1389 (25 يوليوز 1969) المتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري.

وستواصل المؤسسة التشريعية، وخاصة مجلس النواب، دراسة مشروع قانون تنظيمي رقم 26.16 الذي يتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، ومشروع قانون تنظيمي رقم 04.16 الذي يتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.

وتتضمن أجندة الدورة تعزيز التدابير الهادفة إلى تقوية التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وكذا الارتقاء بالعمل البرلماني، سواء على المستوى التشريعي أم الرقابي، حسب ما تم تأكيده في العديد من المناسبات.

يذكر أن هذه الدورة تأتي بعد الدورة الاستثنائية لمجلسي البرلمان، التي عُقدت بناء على المرسوم رقم 2.19.225، الذي صادقت عليه الحكومة.

وتم خلال هذه الدورة المصادقة على مشروع قانون رقم 21.18 المتعلق بالضمانات المنقولة، الذي يشكل لبنة أساسية في تحديث وتطوير المنظومة القانونية المؤطرة للمال والأعمال في المغرب، باعتبار أن نظام الضمانات المنقولة يمثل أهم ركائز النظام المالي الحديث وأداة مهمة في إستراتيجية دعم القطاع الخاص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *