محمد التويجر

 

أمام التمدد المريع وغير المشروع للمواقع الإلكترونية في ظل عجز الحكومة عن وضع حد لتجاوز بعضها كل الخطوط الحمراء واختراق حميمية البيوت والتسبب، أحيانا، في مشاكل عائلية بحثا فقط عن “البوز”، على المجتمع المدني أن يتحمل مسؤولياته التاريخية ويتحرك للضغط من أجل استصدار قوانين وإجراءات تحصّن الحياة الخاصة للأشخاص من “شطحات” هذا النوع الجديد من الصحافة.

رب عاقل تساءل: هل هي صدفة أن تبرز قضية أسرة الغاوي تزامنامع وتلويح الوزير الداودي برفع الدعم الحكومي عن قارورة البوطان بكيفية تجعل سعرها يقارب في سوق الاستهلاك المائة درهم؟ وهل هي الصدفة ذاتها التي جعلت قضية عويطة تبرز إلى الواجهة في الوقت ذاته الذي تسابق فيه الحكومة الزمن لتمرير مشروعها الرامي إلى اعتماد الفرنسية لغة للتدريس؟…

أخشى أن تكون الموجة الجديدة من صحافة “الإيكشوان إيكنوان” وهات “بونجة” وميكروفون من سوق الخردة وافعل ما شئت معولا لهدم كل ما راكمته الأجيال المتعاقبة من مكاسب جعلت المغرب واحدا من أكبر الدول العربية تقدما في مجال الإعلام، قبل أن يبدأ النكوص والتراجع، نتيجة الفطريات الممسوخة التي ابتُلينا بها منذ عامين ونيف.

لا ديمقراطية حقيقية ولا نموا محسوسا على أرض الواقع بعيدا عن الأرقام المنفوخة والمبالغ فيها، بدون إعلام نظيف، تمارَس فيه المهنة وفق أصولها من لدن جيل تعلم أبجدياتها في أعتد المعاهد والمدارس المختصة.

لا تلعبوا بنار أخاف أن تصيب بلهيبها المهنة في مقتل، فاتحة الباب على مصراعيه أمام ممارسة فوضوية لا تبقي ولا تدر.

حصنوا مهنتنا -يرحمكم الله- ضد اختراقات “الشناقة” وتجار الكلمة، فقد سئمنا أن نرى شرفها يُنهش يوميا من قبل صحافيي “آخر زم”. احفظوا لها ما تبقى من ماء وجهها، احتراما لأرواح أقلام وأصوات نجباء ضحّوا بالغالي والنفيس منذ فترة الحماية كي تكون للإعلام المغربي هويته ومكانته…

ثم أين المجلس الأعلى للإعلام من كل هذه الجذبة وتطورات الأشهر الأخيرة؟ أم أن أعضاءه لم يفيقوا بعد من نشوة الارتقاء المجتمعي وما سيدره من جاه ومال؟ أم تراهم منشغلين بقضايا بعيدة عن انشغالاتنا، وكيف لا وبطاقة المهنة، التي تأخرت أكثر من اللازم، فجّرت قضية أخرى لها صلة وثقى بالمناصفة، بسبب هفوة عدم طبع بطاقات خاصة بالصحافيات والإصرار على وضعهن في خانة الممارسة الذكورية رغما عن أنفهن…

أتخوف من أن يكون المولود الجديد قد “خرج من الخيمة مايْل”…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *