الرباط-le12
في مغربنا الجميل يمكن للمرء أن يواصل دفع مبالغ مالية من راتبه كل شهر على سبيل الاحتياط للمرض أو الوفاة أو ما شابه، وبوسعه فعلا أن يمرض ويدخل المستشفى ويصرف “دم جوفه” (كما نقول معشر المغاربة بشكل معبر جدا)، وحين يحين الوقت لكي يستفيد من حقه في التعويض عن المرض قد يجد من يقول له “لدينا أزمة خطيرة في السيولة”، وقد يصل الأمر أبعد من ذلك ويعلن هذا الصندوق أو ذاك عن عدم قدرته على السداد وكأن تلك الأموال الطائلة التي تقتطع من رواتب جيوش الموظفين التابعين للقطاع العام تذهب إلى الواد الحار أو يلقى بها مجاري الصرف الصحي في سويسرا وغيرها.. لا أحد يعلم الكواليس الحقيقية، فوحده المغرب يحدث فيه هذا دون أن يجد المغاربة مسؤولا يحاسبونه أو يقف أمامهم لكي يجيب عن أسئلتهم..
في البدء، كان الصندوق المغربي للتقاعد.. وكان الإعلان عن الإفلاس دون أن يتكلم أحد أو يخضع أحد للمساءلة والمسؤولية.. ثم اليوم هناك شبهات تحوم حول مصير قد يكون مشتركا ولكن هذه المرة في حق الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي المعروف اختصارا ب”كنوبس”.. خصوصا مع تصريح مدير الوكالة الوطنية للتأمين الصحي قال فيه ان العجز التقني بدء بصندوق”كنوبس” عام2016 مقدرا قيمته ب22 مليار و250مليون سنتينم(انظر جريدة لكوميست عدد 5315 بتاريخ 16يوليوز 2018). بينما تزعم إدارة “كنوبس” أنها تتوفر على احتياطي مالي ضخم دون كشف الحقيقة الامر للراي العام .. ؟!!!.
فمن نصدق، “كنوبس” أم “مدير الوكالة الوطنية للتأمين الصحي “؟وهل يمكن حقا أن يتوفر “كنوبس” على الاحتياطي المالي المعلن وهو العاجز، اليوم، عن آداء التعويضات الواجبة لأصحابها داخل الأجل المطلوب ؟.. وهل من الممكن أن يتوفر صندوق على احتياطي مالي، وهو ممتنع عن الإفراج عن مبالغ مستحقة للتعاضدية العامة، تقدر بالملايير، من اموال المنخرطين وذويهم من ارامل وأيتام وعجزة ومرضى؟..
في ظل كل هذا، سيفوز السيد عبد العزيز عدنان، مدير “كنوبس” عام 2015، والذي تم تعيينه على عهد حكومة ادريس جطو بقرار مباشر والذي ظل في منصبه لا يزحزحه شيء على الرغم من مرور الحكومات المتعاقبة بجائزة ترانسبارنسي الدولية.. وهو ما قد يوحي بكون الأمور تسير على ما يرام في هذا الصندوق.. ولكن من حق المغاربة أن يتساءلوا عن المعيار المعتمد من طرف منظمة دولية لتزكية وضع غير مفهوم بالأساس .
فالسيد عدنان، لا زال إلى يومنا هذا في منصبه ضدا على القانون المؤطر للتقاعد فهل تناولت ترانسبارنسي هذا المعطى قبل منحها لتلك الجائزة؟، وهل إذا ما ثبت أن الصندوق يعاني من اختلالات عكس ما هو معلن ستقوم ترانسبارنسي بسحب جائزتها من صاحبها؟ أم أن الأمر أكبر من ذلك؟ ثم كيف ل”كنوبس” أن يكون واحدا من الاستثناءات القليلة التي لم يطلها أي من عمليات التفتيش والمراقبة والتقييم من طرف أي من الهيآت المكلفة في ذلك وعلى رأسها المجلس الأعلى للحسابات؟ وكيف يصمت الوزير الوصي على القطاع “محمد يتيم” القادم من نقابة حزب “الإسلاميين”عن كل ما يحدث ب”كنوبس” سوء حكامة، لا بل من تجاذبات بين الصندوق وباقي الفعاليات المشتغلة بمجال التعاضد وعلى رأسها التعاضدية العامة لموظفي الدولة؟.يوءدي فاتورتها الموظف/المنخرط، في اول العمر الوظيفي وآخره وزد عليه كثيرا بعد التقاعد .
هل يكون “كنوبس عدنان” فوق كل الحسابات؟ لمجرد أن تقريرا دوليا من منظمة دولية يقول أنه فوق الشبهات؟ وهل ستنتظر الأطراف الحكومية وأجهزة الرقابة كثيرا “باش تعمل شغالها” قبل ان يلقى صندوق “كنوبس” مصير اخوانه من “صناديق لعجب” المفلسة أو المهددة بالإفلاس أو السكتة القلبية ؟.وهل هناك إمكانية لكي يعود البعض إلى أحجامهم الطبيعية حين تنفجر أزمة السيولة ويصل كنوبس إلى حافة الإفلاس؟.. كل هذه الأسئلة تظل معلقة إلى أن يتطوع أحد من مسؤولي هذا الوطن المسكين للإجابة عنها حتى يأخذ كل واحد “جطو “؟