سليمة فراجي

بالأمس القريب كان اليساريون يعيبون علينا أننا من أصحاب اليمين أو البورجوازية المتعفّنة، نعيش عيشا كريما بعرق جبين آبائنا البسطاء، ولنا ولاء للوطن ولملك البلاد ما بعده ولاء..

وشاء الخالق عز وجل أن أعيش مرحلة أكدت لي أنّ من كان في المعارضة الشّرسة سابقا وأصبح يتقلد زمام الأمور صار دكتاتورا وانتصر للصمود على الكراسي والتصدي لكل من حاول الاقتراب.. وأن من كان بالأمس القريب يتبجّح بتجربته في مسار اليسار أصبح من علية القوم، ضاربا عرض الحائط هموم الشعب والوطن والجهوية والمشاريع التنموية وجميع أدوات التنظير المستعمَلة من أجل الوصول والتموقع وكسب المال، من منقول وعقار ومركبات فاخرة. ومن كان يستند إلى المرجعية الدينية وكان من المفروض أن يكون المنقذ من الضلال، استهوته السلطة وحلاوة البذخ وملاءة الذمم لما يجمع الكل أن الأحزاب أصبحت مجرد دكاكين انتخابية تعلق لافتاتها إبان الاستحقاقات وتغلق الدكاكين بمجرد الانتهاء من عمليات “وضع الرجل المناسب في المكان المناسب”..

ما حيلة الأغلبية الصامتة؟ خصوصا إن ابتُليت بمنطق القبيلة والمال والمحسوبية والإيديولوجيات الواهية؟ لكن هل استقالة الكفاءات من عالم وبحر خضم لم تستطع خوضه حل؟ هل تكفي التدوينات الفاسبوكية والتباكي على روح مواطنة الآباء والأجداد لمصالحة الشباب مع الوطن؟

أعرف أنني بصدد دفع حجرة سيزيف، وكثيرون يدفعون حجرة سيزيف معي، لكنّ يقظة الضمير والحرص على مصلحة الوطن تقتضيان مراجعة مواقف جميع الأحزاب في المغرب ومحاسبتها ودفعها إلى المصالحة مع الشباب والبرامج المواطِنة وعامة الناس؛ بدل الاكتفاء بقضاء المصالح الشخصية والاغتناء الفاحش!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *