حسن البصري

عندما كشف الاتحاد الافريقي لكرة اليد عن برنامج البطولة الإفريقية الخامسة والعشرين التي ستحتضنها بلادنا في يناير المقبل، أعلن وزير الرياضة الجزائري عبد الرزاق سبقاق عن اجتماع طارئ، ووضع على مكتبه خريطة المغرب، وهو يتساءل عن سر برمجة مباريات البطولة القارية في مدينتي كلميم والعيون.

رفعت جلسة الاستماع لحبيب لعبان رئيس الاتحاد الجزائري لكرة اليد، وتم إشعار وزارة الخارجية الجزائرية بالموضوع وتوصلت القيادة العسكرية بمحضر الاجتماع في طرف مختوم عليه عبارة “سري جدا”. ووصل الأمر إلى أعضاء الحكومة وصنفت القضية في خانة المؤامرة القادمة من الجيران.

قبل أن يسدل الليل ستائره، توصلت الكونفدرالية الإفريقية لكرة اليد بإشعار من الجزائر يؤكد انسحاب هذا البلد من البطولة، فقط لأنها ستقام في باب الصحراء المغربية كلميم وحاضرتها العيون. كما توصل رئيس الاتحاد الجزائري حبيب لعبان بقرار إقالته من منصبه.

   يقول منطوق قرار الإقالة إن رئيس الاتحاد الجزائري موقوف إلى أجل غير مسمى “للاشتباه في ارتكابه تجاوزات”، لكن الحقيقة عكس ذلك تماما، لأن شرارة غضب حكام الجزائر تطايرت بسبب فشل حبيب لعبان في التصدي للترشيح المغربي وتصويته لفائدة المغرب بكل جرأة.

بحث مخبرو الجزائر عن سر الود القائم بين الاتحادين المغربي والجزائري لكرة اليد، وتساءلوا: كيف يحلق حبيب لعبان خارج سرب الأحقاد، فقرر وزير الرياضة إدانته بـ”تجاوزات” ورمى به للصحافة تنهش لحمه، في سياق مخطط تأليب الرأي العام.

عندما عين عبد الرزاق سبقاق وزيرا للرياضة والشباب في الجزائر، استبشرنا خيرا لأن الرجل قال في يوم تنصيبه “ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا” وهو القادم من مناصب مشبعة بالروحانية إذ شغل منصب مدير الإدارة العامة بوزارة الشؤون الدينية، كما عين مديرا عاما للحج والعمرة، لكن مع مرور الأيام فشلت خلطة الدين بالرياضة وتبين أن وزراء الجزائر لا يملكون سوى الخاتم والتوقيع.

قضى الوزير صاحب السبحة البيضاء أيامه في استنطاق الرياضيين العائدين من المغرب، فقد فتحت مصالح وزارته تحقيقا مفصلا مع مسؤولي فريق آفاق غليزان النسوي بعد مشاركتهم في مباراة ضد الفريق النسوي للجيش الملكي، تبين أن أطوارها قد بثت مباشرة على قناة العيون.

حوصر رئيس بعثة الفريق النسائي الجزائري بأسئلة المحققين، الذين اعتبروا نقل مباراة في كرة القدم طرفها جزائري، على قناة العيون، جرما فيه سبق إصرار وترصد، وتبين أن الخوف من الاستقبال في ملاعب الصحراء قد تحول إلى “فوبيا” النقل التلفزي في قناة حاضرة الصحراء.

قلنا لا بأس من خلطة الدين والرياضة فهي أهون من خلطة السياسة والكرة، لكن سيخشى الجزائريون على أبطالهم من الهزيمة أمام المغاربة، وقد يستقبلهم الجمهور في مطار هواري بومدين بشعيرة رمي الجمرات، وقد يشحن الرياضيون بقانون “العين بالعين”.

شكلت كرة اليد المغربية شوكة في قدم حكام الجزائر، نذكر أن عبد المجيد تبون استفاق من “بنجه” وهو ممدد على سرير المرض، ليوقع رسالة تهنئة لمنتخب بلاده فقط لمجرد فوز صغير على منتخب المغرب في مباراة عادية، كما تلقى أكثر من فريق جزائري أوامر بالعودة إلى الجزائر بسبب وجود فريق وداد السمارة في المنافسات القارية، حتى أصبح الفريق الصحراوي فزاعة في حقل كرة اليد الإفريقية.

الآن يمكن أن نفهم حقيقة التنافر التاريخي بين الرياضة والأحزاب الإسلامية، ولماذا ظلت حكومة العدالة والتنمية في المغرب تدير ظهرها لحقائب الرياضة، بينما أصر وزير جزائري على العبث بجثث قيم الرياضة في مراقدها، وساهم مع سبق الإصرار والترصد في فصل رأس الروح عن جسد الرياضية مهما حاصروه ولعنوه وكفروه.

لقد انضم وزير الرياضة الجزائري إلى طابور حمالة الحطب واضعا في جيده حبلا من مسد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *