*رشيد نيني
الظاهر أن الأزمي البكاي عمدة فاس أصبح يعاني من فقدان الذاكرة، خصوصا عندما انتقد الجمع بين السلطة والثروة، ناسيا أن حكومته هي التي وضعت القانون التنظيمي المنظم لأشغال الحكومة، وهو قانون على المقاس، يسمح بالجمع بين الوزارة والاستثمار، ونسي أنه عندما صار حزبهم في الحكم رفع زعيمهم شعار “عفا الله عما سلف” بالنسبة للأغنياء، وشرع يدافع عن اغتناء الأغنياء ويسحق الفقراء بالضرائب، كما نسي أن حزبه وفر غطاء سياسيًا لرجال أعمال يستفيدون من إنتمائهم للحزب الحاكم، من خلال هدايا ضريبية، باستمرار العمل بالامتيازات الممنوحة للأغنياء الكبار في الميدان الضريبي، ما نتج عنه تخلي الحكومة التي يقودها حزبه عن 3600 مليار من الضرائب، وفِي مقابل ذلك فرض ضرائب جديدة على الفقراء.
وإذا عدنا إلى خطب بنكيران، المثل الأعلى للأزمي، منذ تحمله مسؤولية رئاسة الحكومة، فإننا نجد أنه كان يدافع بقوة عن الأثرياء والأغنياء، بحجة أنهم هم من يحركون الاقتصاد ولا تنبغي إخافتهم، وقال إن الأغنياء يطبقون القانون وعليهم أن يتمتعوا بعملهم وجهدهم لأنهم يساهمون في حركية الإنتاج، وأن مشروع حزبه ليس ضد رجال الأعمال ولا الأغنياء، كما أنه غازل هذه الفئة وأعلن أن حزبه يدعم الأغنياء، بقوله “واش بغيتونا نبقاو غير رباعة ديال المزاليط ولاكيفاش”.
وإذا نسي الأزمي فنحن لم ننس، فإدريس الأزمي الإدريسي الوزير “البكاي” السابق المكلف بالميزانية والقيادي بحزب العدالة والتنمية، عارض بشدة فرض ضرائب جديدة على الأغنياء، كما أشهر “الفيتو” ضد كل التعديلات المقترحة للزيادة في الضريبة على ثروة الأغنياء والتي تسمى بالضريبة على “الدخول والأرباح الناتجة عن الثروة”، ورفض الزيادة في الضريبة على الشركات الكبرى التي تحتكر استغلال الثروات الأرضية. وبرر الأزمي هذا الرفض بكون فرض الضريبة على ثروة الأثرياء ستكون له آثار سلبية على الجانب الاستثماري بالمغرب، ومن شأن فرض هذه الضريبة التشجيع على التملص الضريبي مما سيؤثر على موارد خزينة الدولة، وأثبت فعلا أن الحكومة تحمي هذه الطبقة مقابل الزيادة في الضرائب التي تمس الطبقات المتوسطة والفقيرة.
أحيانا تجيب الطبيعة على بعض الأسئلة المحيرة التي يطرحها بعض السياسيين، خصوصًا عندما يفرطون في تغيير خطاباتهم حسب المناسبات والظروف، فيصبحون لوحدهم سلالة لا تتوقف عن التحور إلى الحد الذي تصبح معه طفرة غريبة ومضحكة وحدها الطبيعة تملك القدرة على محاكاتها.