le12.ma -لاماب

 استطاعت العربات المجرورة بالخيول (الكوتشي) بمدينة مراكش أن تتبوأ مكانتها كوسيلة من وسائل النقل المضيئة في الحركة السياحية للمدينة باعتبارها وسيلة للإستمتاع بجمالية ورونق المدينة الحمراء عند التنقل داخل أسوارها وبين أحيائها، بالإضافة إلى اكتشاف خباياها والمساهمة في تعزيز المحافظة على الجانب الإيكولوجي لها.

وبالرغم من تأثيرات الازمة الصحية العالمية على القطاع السياحي بشكل كبير، يحاول أصحاب “الكوتشي” تجاوز الركود الحاد الذي شهده القطاع من خلال الدعم الذي قدمته الدولة والعديد من فعاليات المجتمع المدني لهم، وكذا عزيمتهم على استمرار دوران هذه العربات المجرورة في نقل المواطنين المغاربة، ما أسهم في إنعاش السياحة الداخلية والحفاظ على المعيشة اليومية لهذه الفئة من المجتمع المراكشي التي ظلت تطالب بضرورة مواصلة دعمها للحفاظ على تأدية دورها المهني الذي يمثل 60 المائة داخل منظومة التنمية السياحية بالمدينة.

تاريخ الكوتشي 

صارت العربات المجرورة، التي يعود تاريخ ظهورها إلى القرن الـ19، تمثل بدوران عجلاتها بشوارع وأزقة المدينة، مكونا من مكونات التراث الثقافي والسياحي الذي تزخر به المدينة، التي ظلت سنوات الوجهة المفضلة لعدد كبير من السياح الأجانب والمغاربة، ما جعلها تصنـف بين أهمّ المدن السياحية في العالم، وبالتالي تضفي هذه الوسيلة البيئية، التي تم الحفاظ عليها منذ فترة الحماية، طابعا متميزا في السيرورة اليومية لمختلف وسائل النقل.

وتظل طموحات أصحاب “الكوتشي”، التي تؤثث لمشهد النقل داخل المدينة، كبيرة في إضفاء رونق على هذه العربات لتستجيب لحاجيات السياح المغاربة والأجانب على حد سواء، فضلا عن تهيئة كل المرافق المرتبطة بالقطاع، وفي مقدمتها إحداث إسطبل نموذجي يساير الدور التاريخي لهذه العربات، يتضمن متحفا تراثيا وقرية سياحية تكون قبلة للسياح الراغبين في زيارة مراكش.

يذكوقد حظيت العربات المجرورة بالخيول، في السنوات الأخيرة، بعناية كبيرة من مالكيها الذين اتخذوا مجموعة من المبادرات التطورية في ظلّ الدعم الذي تقدمه الجهات المعنية بتربية ومراقبة الخيول من أجل الحفاظ على مكانتها داخل المشهد الحضري للمدينة، في ظل الدعم الذي تقدمه الجهات المعنية بتربية ومراقبة الخيول، أملا في تعزيز دورها في حركة الإنعاش السياحي بمراكش وإبراز الدور المميز الذي تلعبه في في الحفاظ على المجال البيئي للمدينة، التي أصبحت تعاني من الانبعاثات الغازية الملوثة التي تخلفها السيارات والدراجات النارية.

وإذا كان دور هذه العربات التاريخية في مراكش خلال حقبة الحماية العمل على خدمة ساكنة المدينة في النقل الحضري بين أحياء المدينة بأسطول بلغ عدده آنئذ 257 عربة حسب المهتمين بهذا القطاع، فإن هذه الخدمة قد تطورت مع السنين وأصبحت تتطلب إمكانات مادية لتهيئة العربات بالخيول، ما جعل الكثير يتخلون عن هذه المهنة مع ظهور سيارة الأجرة الصغيرة، ما أسهم في تقليص هذا العدد إلى 150 عربة حاليا تجوب شوارع المدينة، وصارت وسيلة أكثر نجاعة في التنمية السياحية فيها.

عرصة ألبيلك

خلال تجول زوار المدينة الحمراء في ساحة جامع الفناء وهم يستمتعون بأداء العاملين، فرادى وجماعات، داخل حلقات الفرجة ويلمسون ما يقدّمون من أدوار فنية متعددة المعاني والأشكال، يستأثر باهتمامهم ما يحيط بهذه الساحة ذات الحمولة التراثية والتاريخية من العربات المجرورة بالخيول متوقفة بانتظام في طابور بجانب حديقة “عرصة ألبيلك”، التي تتوسط الساحة حيث ينتظر كل سائق عربة دوره لاستقبال الزبناء الذين يرغبون في القيام بجولات سياحية لزيارة بعض المآثر التاريخية والبنيات السياحية والفضاءات الخضراء التي تزخر بها مراكش وجعلت منها مدينة حضارية شامخة بطابعها السياحي والتراثي على الصعيد العالمي.

وأكد حسن لخضر، رئيس الجمعية المهنية لأرباب وسائقي العربات المجرورة بالخيول بمراكش، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن استعمال عربة” الكوتشي”، الذي يرجع إلى تاريخ ما قبل الحماية وكان معروفا كوسيلة للتنقل لساكنة مراكش داخل أزقة المدينة في إطار النقل الحضري.

وأضاف لخضر أن بعض أغنياء المدينة كانوا يستعملونها في تنقلاتهم من أجل الاستمتاع بها، مشيرا إلى أن هذه العربات ما زالت تؤدي دورها السياحي لتمكين مستقلها من استكشاف المتاحف والمآثر التاريخية وأسوار المدينة العتيقة والمساحات الخضراء.

واعتبر أن ”الكوتشي” شهد تطورا في مساره من خلال العناية به من قبَل جمعية الرفق بالحيوانات في ما يتعلق بجانب الفحص التقني للعربات خلال كل أربعة شهور، مع توفر السائق على دفتر صحي، وتشجيع هذه العربات عبر إحداث جوائز سنوية من جمعية الرفق بالحيوانات لاختيار أفضل الخيول وأحسن سائق، كجانب من الجوانب التحفيزية والتشجيعية لهذه المهنة، وهو حفل يحضره سفراء بعض الدول إلى جانب السلطات المحلية والمصالح الخارجية.

واستطرد رئيس الجمعية المهنية لأرباب وسائقي العربات المجرورة بالخيول بمراكش قائلا إن سائق العربة المجرورة بفرس أو فرسين حريص على إبراز دور “الكوتشي” في تعزيز المنتَج، ويعدّ سفيرا للبلد من خلال ما يقدّمه من شروح للسياح الأجانب الذين يتمتعون بتنقلاتهم عبر هذه الوسيلة وإبراز أهمية دور “الكوتشي” في السياحة الوطنية، منوها بالدور الذي تقوم به الدولةاتجاه أصحاب هذه العربات، من خلال تقديم بعض المساعدات لهم للحفاظ على نشاطهم، لمواجهة التأثيرات السلبية لجائحة كورونا ا على الاقتصاد المحلي وخصوصا على القطاع السياحي.

الإسطبل الموحد 

وبخصوص الآفاق المستقبلية لهذا القطاع، أشار لخضر إلى أهمية مواصلة الجهود لإنجاز مشروع الإسطبل الموحد حيث اعتبره ضروريا من خلال ضمه لمتحف يشكل موقعا متميزا لزيارة السياح ويعزز البنية الثقافية للسياحة بمراكش.

كما أبرز أهمية الجانب البيئي لهذا القطاع، عبر التفكير في استعمال الطاقة الشمسية داخل الإسطبل الموحد ومحطات وقوف عربات الكوتشي، مع تنظيف هذه المواقع بمضخات تستعمل بالطاقة المتجددة.

وتبقى وسيلة النقل ”الكوتشي” في مراكش رهينة بمدى تضافر الجهود المشتركة بين مختلف الفاعلين لجعل هذه الوسيلة المحافظة على البيئة جزءا مهمّا داخل البرامج التسويقية والدعائية لدى وكالات الأسفار السياحية بوصفه رافدا من الروافد الأساسية لتنمية السياحة الوطنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *