*عبد الرزاق بوتمزّار


لا أدري ما إذا كان رئيس حكومتنا “الموقرة” يتوصّل من المشرفين على “تنشيط” صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي بـ”تقارير” حول ردود نشطاء هذه المنصّات بخصوص ما ينشره “ديوان” العثماني الإلكتروني أم لا، لكن إطلالة سريعة على هذه التعليقات تُظهر حجم المعاناة التي يرزح تحتها المهنيون في القطاعات الأكثر تضرّرا جرّاء هذا الحظر الذي أقرّته الحكومة..

وسأختار واحدا من آخر إدراجات السيد رئيس الحكومة في فيسبوك (الصورة) وهو مقتطف جاء فيه: “نعول بعد الله على وعي المواطنين المغاربة ونطلب منهم مواصلة صمودهم وتفهمهم للقرارات المتخَذة وتعاونهم وانخراطهم في إنجاح تنزيلها لمحاصرة الوباء”.. كلام جميل وكلام معقول، كما تقول لازمة الأغنية الشهيرة، لكنْ.. لكنْ يا سيادة الرّايس المحترم، ألا يجشّم من يعملون على بثّ هذه المقتطفات والفيديوهات والإخبارات في صفحاتك التواصلية أنفسهم عناء الاطّلاع -ولو على عيّنات- من ردود المعلّقين على منشوراتك وإعداد تقارير عنها ورفعها إليك حتى تحسّ بالنار التي تصطلي بلهيبها فئات عريضة من “شعب” فيسبوك، التي تمثّل عيّنات من المجتمع المغربي الذي توجّه له هذه المنشورات، حتى تكوّن فكرة حقيقية عن “الواقع المرّ” الذي يرزح تحته هؤلاء والذين يستفيقون كل يوم أو يمسُون على خذه القرارات والإجراءات؟ أليست خطاباتك موجّهة لهؤلاء؟  

وحتى أقرّبك من الصورة، سأختار نماذج من هذه التعليقات، ولكم واسع النظر بعد ذلك.  ولأبدأ بهذا التعليق مثلا “شحال زوينة تلوح هاد الپوست فايسبوك ونتا جالسْ وسط الفيلا ديالك والطبلة والكرش والجّيب عامرين، وگالس كتبكي على بنادم وْصلات بيه للانتحار من شدة الفقر … أسي العثماني، قال الرسول صلى الله عليه وسلم «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت».

انتحار  اسي العثماني.. فهمتيني؟ الناس راها وصلات فيها للعظمْ بمعنى الكلمة، ناهيك عن حالات الطلاق التي شهدت ارتفاعا صاروخيا خلال هذه الظرفية الاستثنائية التي تجتازها بلانا، شأنها في ذلك شأن غيرها من بلدان العالم، مع ما ينتج عن ذلك من تفكّك للأسَر وتشريد للأطفال، الذين سيكون مصيرهم الشارع، وما أدراك ما خروج الأطفال والقاصرين إلى الشارع، المفتوح على كل الآفات والمصائب ومظاهر الانحراف والإجرام…

وأمرّ إلى التعليق الموالي: “السي العثماني إيلا قالولك الخبراء المختصين بتتبع الحالة الوبائية على هذه الإجراءات أهلا وسهلا، وأنا كمواطن مع هذا الطرح.. في المقابل، أليس هناك خبراء اقتصاديون ولجن مكلفة بتتبع الحالة المعيشية للمواطن وينصحونك كذلك لتقوم حكومتكم بدعم الفئات الهشّة بالموازاة مع هذه الإجراءات الخاصة بكورونا، ولك واسع النظر”..

الدّعم أسي العثماني.. الدّعم الذي كان يجب أن يكون في صلب أي قرار من حجم “الإغلاق” طيلة شهر كامل ينتظره مزاولو العديد من المهن والأنشطة بفارغ الصبر كي ينتعشوا  قليلا ويحققوا بعض المداخيل تعينهم على تحمّل تبعات الأيام العادية، التي تشهد خلالها أنشطتهم كسادا يعوّلون على هذا الشهر تحديدا لتعويضها، فإذا بهم يُصدمون بقرار الإغلاق، دون استشارتهم ولا اتخاذ تدابير موازية تكفّل لهم الحد الأدنى للعيش بكرامة في شهر أنت أدرى بنفقاته ومتطلباته. ولن يفوتني  تذكيرك بأن العديد من المهن الموسمية المرتبطة بهذا الشهر، الذي له طقوس استهلاكية خاصة في أوساط المغاربة..

هل فكّرت لحظة في كل هؤلاء “المواطنين المغاربة”  الذين تتوجّه لهم بمنشوراتك التي “طليتَ” بها جدران منصّات التواصل؟.. إن قرار الإغلاق، ما لم تواكبه تدابير لصالح الفئات المتضرّرة منه (عمال المقاهي والمطاعم نموذجا) يبقى بلا أية قيمة.

ولأختمْ بهذا التعليق الاستنكاري، ولن أعلّق عليه، فهو شاف ووافٍ في التعبير عن “حال” كثيرين من “المواطنين المغاربة”، إلا إن كانت قرارات حكومتك موجّهة لفئة من المغاربة دون أخرى، فذلك كلام آخر.. غير جميل ولا معقول!

“علاش ما تفهم انت وتنقص من الخْلصة ديالك وتكون مواطن صالح؟.. الفلوس اللي كتشدّ راه يعيشو بهم 40 عائلة!”..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *