*عبدو المراكشي 

في الوقت الذي يُفترَض أن يكون المواطن الجزائري في بحبوحة من العيش ويتمتع بمستوى معيشيّ عال بالنظر إلى الاحتياطات النفطية والغازية الهائلة التي تتوفر عليها بلاده، الممتدّة على مساحة شاسعة، يتّضح للعالم، يوما بعد يوم، حجم المعاناة التي يرزح تحتها الجزائريون بقيادة نظام عسكري غير شعبي استفرد بخيرات البلاد ودأب على تقاسمها جنرالاته وقادته الكبار.

فبينما يتواصل الحراك بفعل الأزمة الاجتماعية المتفاقمة، والذي يبدو مصرّا وعازما على “رحيل” نظام العسكر، الذي يضع تبون في الواجهة بصفته “رئيس” البلاد، في مسرحية مكشوفة، تُواصل “رموز الفساد” نهب خيرات البلاد والتمتع بها، ولْيشرب المواطن البسيط البحر أو يركبه، مغامرا بحياته من أجل الهروب من واقع مأزوم كرّسته السلطة العسكرية الحاكمة.  

والحقيقة أن سياسة الهروب إلى الأمام التي ينهجها العساكر الحاكمون في قصر المرادية لا يمكن أن تنتهي إلا إلى الجدار.

فقد قام هذا النظام غير المدني على صفقات مشبوهة لا تستفيد منها غير دائرتهم الضيّقة، التي حاولت بعدما اشتدّت حولها مطالب المحتجّين الذين احتلوا الشّوارع، منذ أزيد من سنتين، الالتفاف على مطالب الحراك، من خلال مسرحية “محاكمة” رموز الفساد، بتقديم وزارء بوتفليقة أمام العدالة في “محاكمة” زائفة لم تنطلِ فصولها على شباب الحراك، الذين “احتلوا” شوارع المدن مجددا، ومنها أمس الجمعة، في مشاهدَ مألوفة تعكس إصرارهم على إسقاط نظام العسكر الفاسد. 

وثيقة أزمة الزيت ومتظاهرون ضد النظام الجزائري اليوم في باريس
وثيقة أزمة الزيت ومتظاهرون ضد النظام الجزائري اليوم في باريس


وإضافة إلى المديونية والفساد وتراجع عائدات البترول والغاز وعزلة النظام ورفع يافطة دعم البوليساريو وشراء الذمم للتغطية على نهب مقدرات وأموال الشعب الجزائري، انضاف الجفاف ليُحكم الطوق على اقتصاد البلاد، التي صار الموظف البسيط فيها مطالَبا بتوقيع طلب من أجل “قرعة ديال الزّيت”!..

نعم يحدُث في الجزائر أن يتم إجبار الموظف البسيط على توقيع طلب من أجل ماذا؟ من أجل الحصول على “بيدو” ديال الزيت” وبـ”شرط”، يا سادة يا كرام: ألا تتعدى سعة القنينة 5 لترات! في تعبير عن عمق أزمة الأمن الغذائي في الجزائر تصوّروا.. لا، بل شاهدوا الوثيقة المرفقة التي تثبت ذلك، والتي توصلت بها جريدة “le12.ma”.

وأكيد أن الوضع في الجارة الشرقية مرشّح لمزيد من الاحتقان والتشنّج بحلول رمضان، شهر الصيام وموائد الرحمان، حيث ستتفاقم أزمة المواطن الجزائري مع ندرة المواد الغذائية الأساسية وغلائها، لتنضاف إلى الأزمة الدائمة للمواطن الجزائري مع “شكارة” الحليب، التي ينتظم الجزائريون، في مختلف ولايات دولة البترودولار المنهوبة في طوابير طويلة من جل ربع لتر (رابْعة) حليب. 

هي، إذن، بوادر “مجاعة” بدأت مؤشراتها الملموسة تُلمس بوضوح في كافة جهات الجزائر منذ أن فُرض تبون عنوة على جزائر الأحرار والشهداء “دُمية” لا تحرّك ساكنا أمام استفراد كتيبة الجنرالات على خيرات البلاد.. فهل يكتب الحراك في رمضان السطر الأخير مع نظام بات على شفا جرف هار؟..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *