*يونس الخراشي 

الزميل المحترم، حفيظ الدراجي، صاحب الصوت الجميل، والوصف الرياضي المحبوب. إعلم رعاك الله، أن المرحوم سعيد بونعيلات، وهو مناضل فذ، قد لا تعرفه، ولا يخطر اسمه لك على بال، هو من حمل، على كتفيه، سعيد بوخروبة (الملقب ببومدين)، حينما كاد يغرق، وهو ينقل مع أحرار المغرب، ورجالاته، سلاحا جيء به على متن ناقلة إلى الناظور، المغربية، كي يوضع رهن إشارة الأخوة الجزائريين، ليحرروا بلدنا الثاني الجزائر الشقيقة.

كنت حينها ما تزال، مثلي، في علم الغيب، إذ ولدت سنة 64، وولدت أنا سنة 1969.

 وحين كنت أدرس التاريخ، وأنكش فيه عن الحقيقة. اكتشفت، وربما لن تعرف ذلك، أن المرحوم محمد حرمة ولد بابانا (الملقب بمحمد باهي)، وهو مناضل فذ، ورائد من رواد الصحافة المغربية، ومثقف كبير جدا، ويساري قح، من مواليد نواذيبو، الموريتانية الشقيقة، عرض عليه رئيسكم، المرحوم بومدين، رئاسة الجمهوية الوهمية، حين كان يعيش بالجزائر، ففضل أن يسيح في الأرض، على أن يبيع قضيته الوطنية، مهما بدا الثمن كبيرا.

هل تعرف ماذا قال الباهي، في رسالة جوابية لبومدين؟ قال له، أسي حفيظ، الحبيب، إنه من غير المقبول ولا المعقول، أن يناضل رجالات المغرب والجزائر، لتحقيق الحلم المغاربي، ثم يأتي واحد منهم ليزرع وسط الحلم لغما قابلا للانفجار في أي لحظة، فيلطخ المستقبل بالدماء، وبالفتنة، والفرقة.

وكم كان الملك المرحوم، محمد الخامس، ونجله ولي العهد حينها، المرحوم الحسن الثاني، وكل أعلام السياسة والنضال في المغرب يتماهون مع الثورة الجزائرية، معتبرينها ثورتهم، متغاضين عن حقوق ترابية شاسعة في الشرق، حتى يتحرر بلد الأشقاء، ثم يجلس الكل حول طاولة أسرية، ويناقشوا المستقبل بهدوء، فإذا باليد المغربية تعض عضة طويلة، ومغرقة في الإيلام، دون خجل أو حس وفاء.

وها أنت اليوم، أيها الواصف المحبوب، تأتي، ودون علم منك، ولا بحث، ولا شفقة على التاريخ، لتنازع المغاربة، أشقاءك، في ما ليس لك، مدعيا أنك تفتخر بالمبدأ، وبالرسو على العهود، في حين أنك دست على المبدأ، وعلى العهود، وزدت الطينةبلة أكثر مما هو مبلول، وكان أولى بك أن تصمت، أو إن تكلمت، فأن تتكلم عن بلدك، الذي هو بلدنا أيضا، آخذ في التيه، ونحن نخشى عليه الفتنة، والتيه، مثلما نخشاها على كل بلد شقيق.

الزميل المحترم، التاريخ لا يرحم. راجع، وستكتشف كم كنت مخطئيا، وجائرا. فكم المرء منا بالألم، والغبن، عندما يأتي يوم على من حملناه على الكتفين، وأمددناه بالسلاح، وساعدناه كي يحرر بلده، ليدعي، مع المدعين، بأن جزءا من ترابنا مسروق ومغتصب.

ليتك تقرأ رسالة الباهي رحمه الله. أظنك إن قرأتها، ستصمت مطولا جدا، إن امتلكت الشجاعة. وإن حدث وتكلمت، فلتصف مباريات الكرة، التي تصفها، في بعض الأحيان، وكلما تعلق الأمر بالمغرب، بتحيز واضح.

الله أسأل أن يشفيك، وكل المرضى بالمغرب، وبصحراء المغرب، وبجبال المغرب، وأطلسي المغرب.

وتأكد، أنت وغيرك، من الذين شعروا بنهاية أحلامهم المريضة، وهم يدركون بأن المغرب “طرق المسمار”، و”أنهى الكلام”، بخصوص سيادته على كامل صحرائه، وإن شاء الله عما قريب، على ترابه كله، أننا سنبقى أوفياء لقضيتنا المقدسية الفلسطينية، مثلما كنا.

 وأحيلك على بلاغ الديوان الملكي لتقرأه جيدا، إذ وضع القضية الفلسطينية في مرتبة واحدة مع القضية الوطنية المغربية.

وأزيدك، حتى يطمئن قلبك، فالمغاربة مستعدون ليكي لا يصبروا على فلسطين حتى ولو صبر عليها أهلها. لأن المغاربة كانوا، وسيظلون، دائما، يعتبرون أرض المقدس منهم وإليهم، ويحق لهم أن يألموا لها حين تتألم، ويفرحوا لها حين تفرح، وأن يشمئزوا حين تخرج حنان العشراوي، ومن على شاكلتها، عن الخط، وتظلمهم مثلما ظلمتهم أنت.

إقرأ إذن. إقرأ وربك الأكرم. والحمد لله الذي أكرم المغرب بمزيد من الخير. وإن قدر الله لك ولي أن نعيش، فإني أخشى عليك، وعلى من يسبحون سبحك، أن تمرضوا أكثر بما سيتحقق، بإذن الله، لأرض أولياء الله.

تحياتي سي الدراجي.

*صحفي رياضي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *