تالوين : زينب جناتي

مراكش : غيثة الباشا

“ملك التوابل”، أو “الذهب الأحمر” ، تعدد تسمياته وتوصيفاته في الاعلام وعند الرأي العام، ليبقى عند المغاربة معروف بإسم “الزعفران الحر”، الذي يجمع بين تنسيم وجبات من المطبخ المغربي والعالمي وبين التداوي و الوقاية من أمراض عدة على رأسها السرطان.

المغرب يعد من البلدان القليلة التي تتمتع تربتها بإنتاج هذا الكنز، الذي صنف بلدنا كرابع منتج عالمي للزعفران الحر.

عن هذا الكنز الطبيعي المغربي، والتحديات الذي تواجهه، وأسرار زراعته وجنييه، يدور هذا الربورتاج، الذي أعدته موفدة وكالة لاماب الى تالوين، وأغنته، جريدة Le12.ma.

 مع بزوغ ضوء النهار وقبل طلوع الشمس تسلك نساء تالوين والمناطق المجاورة الطريق المؤدي إلى حقول الزعفران، أغلى التوابل وأكثرها طلبا في العالم.

فبعد سنة من الانتظار، تأتي اللحظة التي طال انتظارها لقطف هذه الزهور البنفسجية الرقيقة، التي لا تزهر بهذه الحقول إلا لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، بين شهري أكتوبر ونونبر.

150 ألف  إنحناءة

تتطلب هذه الزهور، التي تتفتح ليلا، قطفها على وجه السرعة بوضعها في سلال مصنوعة من القصب، قبل أن تتسبب أشعة الشمس في إتلافها، لأنها جد هشة، ويتم جنيها باستخدام أنامل اليد فقط. لكن انتاج كيلوغرام واحد من الزعفران يتطلب من كل فرد أن ينحني 150 ألف مرة على الأقل!

وقال امحند أمحيلي، رئيس المجموعة ذات النفع الاقتصادي ـ دار الزعفران بتالوين، في تصريح لوكالة لاماب، “إن إنتاج الزعفران في منطقة تالوين يتميز بخصوصية عائلية، حيث تتم زراعة هذه النبتة ، التي هي صنف من التوابل، على مستوى قطع صغيرة من الزعفران تنتقل من جيل إلى آخر”.

وتابع أمحيلي قائلا “تبدو براعم الزعفران بشكل أساسي مثل البصل الصغير الذي لا يكلف سوى بضعة دراهم”، مبرزا أن هذا المنتوج المجالي المتجذر في التقاليد عبر مئات السنين، وأن جودة مكوناته الفيزيائية والكيميائية والعضوية يتم التعرف عليها من قبل أمهر المنتجين، وذلك بفضل تركيزها العالي من مادة الكروسين، المكون الكيميائي الأساسي المسؤول عن لون الزعفران، ومادة السافرانال المسؤولة عن رائحة هذا المنتوج”.

زراعة الزعفران 

وأضاف أن طرق زراعة الزعفران بقيت كما هي منذ عدة قرون، مشيرا إلى أنه بعد جمع الشعيرات المحصل عليها بعد التشذيب يتم تجفيفها وفرزها، للحصول التوابل “العضوية 100 في المائة”، الأكثر استخداما من قبل المتخصصين في فن الطهي ومستحضرات التجميل والصحة والأدوية.

وأبرز المهني في هذا القطاع أن ارتفاع سعر الزعفران يعزى إلى فوائدة وندرته وطريقة زراعته وجنيه، التي تتسم بالبطء والصعوبة، مشيرا إلى أنه لإنتاج 1 غرام من الزعفران يتعين قطف 150 زهرة .

وأضاف أن “هذه الزهرة هي الركيزة الاقتصادية لهذه المنطقة من تالوين، وتشكل المصدر الأساسي لدخل الأسر، وخاصة بالنسبة للنساء اللواتي يفضلن أن يتقاضين مقابل كل يوم عمل كمية الزعفران بدلا من الحصول على 150 أو 200 درهم”.

وذكر رئيس المجموعة أنه المزارعين لا يقومون، بشكل عام، ببيع الزعفران فورا، لكنهم ينتظرون بضعة أشهر حتى ترتفع أسعار “الذهب الأحمر” ، مشيرا إلى أن هذا المنتج الفاخر، يتم الاحتفاظ به بعناية للبيع في أوقات الأزمات المالية.

من جهته، أعرب إسماعيل بوخريص، مدير المجموعة ذات النفع الاقتصادي دار الزعفران بتالوين، عن أسفه لتسويق، على نطاق واسع، منتجات مغشوشة على أنها من تالوين، دون احترام معايير الجودة الصارمة التي تفرضها علامة “المنشأ” وتلك التي تتعلق بالمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.

وأضاف، في هذا السياق، أن التعاونيات الـ 25 المنخرطة في هذه المجموعة تقوم بزرع 500 هكتار لإنتاج كمية من الزعفران تصل إلى 1000 كيلوغرام في السنة، معربا عن أسفه للعواقب الوخيمة، التي سببتها الأزمة الصحية العالمية الناجمة عن كوفيد -19 ، على أسعار مبيعات هذا المنتج على الصعيدين الوطني والخارجي.

تعاونيات الزعفران 

وذكر أن هذه المجموعة من التعاونيات تساهم في تطوير قطاع الزعفران وتحسين الظروف المعيشية للمنتجين، من خلال القضاء على الكثير من الوسطاء والتسويق المباشر لدى المتاجر المتخصصة.

وبإنتاج 6.8 طن خلال سنة 2018 على مساحة تصل إلى 1800 هكتار، يعد المغرب رابع أكبر منتج للزعفران في العالم، بعد إيران التي تعد أكبر منتج في العالم ب 180 إلى 185 طن سنويا، إذ تستحوذ 90 في المائة من السوق العالمي، متبوعة بالهند واليونان.

ومع ذلك يبقى زعفران تالوين كمنتوج زراعي مغربي من أجود أنواع الزعفران عالميا، من حيث الكروسين (اللون) والبيكروكروسين والسفرانال (المركبات العضوية في الزعفران المسؤولة عن مذاقهه المتميز).فضلا عن كونه يحتوي على المركب الكيميائي العضوي “فينيل إيثانول” الذي يمنحه لمسة زهرية خفيفة وناعمة.

سماسرة الخطف

تحدي كبير ذلك الذي يواجهه تسويق الزعفران الحر، مرده ليس تداعيات جائحة كورونا، ولكن سماسرة السوق السوداء، الذين يغشون في المنتج ويخطفون مصداقية الزعفران المغربي.

ولا يكد يمر موسم جني “ملك التوابل” أو “الذهب الأحمر “، حتى تتجند مختلف المصالح الرسمية المعنينة وعلى رأسها المكتب الوطني السلامة الغذائية “لونسا” والجمعيات الغيورة، للتصدي للسمسارة والغشاشين، الذي يسيؤن للزغفران المغربي، من خلال ممارسات تسعى الربح على حساب حقيقة المنتج.

لذلك توصي  لونسا” والجمعيات الغيورة، يقول مسؤول بالمؤسسة لجريدة le12.ma:”في الواقع لايمكن إنكار وجود ممارسة جشعة، لكن تقيد المستهلك بإقتناء المنتجات التي تحمل علامة شهادة مطابقة المنتج لمعايير الجودة والتي تمنحها لونسا، آلية من آليات المساهمة في حماية المستهلك والحفاظ على سمعة الزعفران المغربي، ومحاربة الغش”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *