كتب: محمد سليكي

جاء خلو كلمة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، بمناسبة فاتح ماي، من الحديث عن الجدل الدائر حول فضائح اعتماد التسريبات المبتورة والتسريبات المضادة كمصدر وحيد للخبر، بشأن النقاش الدائر حول مشروع قانون “التكميم”، ليثير من جديد السؤال حول مدى عودة مياه الخلافات لتجري تحت جسر علاقة الأمين العام ورئيس الحكومة، بعدد من ذوي القربى.

فبينما، كان الرأي العام الوطني، ينتظر أن يعلن العثماني، الذي يتحمل مسؤولية رئاسة الحكومة، عن توضيحات، بشأن أسباب نزول مشروع قانون 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي، وكذا النص المعتمد بعد عرضه على الدراسة والتعديل من طرف لجنة وزارية، صام الرجل عن الخوض في الموضوع، عملا كما يبدو بالقول السلفي: “كم حاجة قضيناها بتركها”.

لقد حاول العثماني، تجاهل الكلام حول النقاش العمومي الجاري بشأن مشروع القانون المثير للجدل، وخصص مداخلته، للحديث عن إحتفالات فاتح ماي لهذه السنة التي قال إنها جاءت في “سياق يتسم بالصعوبة والتحدي والألم”، لمواجهة جائحة كورونا. وهي مصطلحات تعبر ربما كذلك عن حالته كمسؤول، إزاء ما يُعتمل بمحيطه.

إن قفر العثماني، عن التحدث إلى المغاربة عما وصف بمشروع قانون “التكميم”، لا يعني أنه لا يملك الأجوبة، ولكن ربما لسعيه السير بسفينة الحكومة وحزبه العدالة والتنمية، إلى بر الآمان، خلال ما تبقى من عمره كرئيس للحكومة، وكأمين عام.

لكن، إذا كانت هكذا تبدو مقاربة رئيس الحكومة، وزعيم البيجيدي للموضوع، فالحق يقال، إنها مقاربة مهما قُدم بشأنها من تبريرات، تبقى ضعيفة وغير مسؤولة، ولا تعبر عن صلابة مسؤول حكومي وسياسي، يربطه بالمواطن، عهد إنتدابي، أسس على الوفاء بأمانة، قول الحقيقة للرأي العام، مهما كان الثمن، ومهما كانت الحسابات والحساسيات، و كذالك الأخطاء، حتى لو كان أبطالها بعض وزراء حزبه، أو قادت إليها، رعونة بعض ذوي القربى، في تقدير المسؤولية، أو حتى فضيحة ازدواجية المواقف، عند  من صوت على القانون الأعجوبة في المجلس الحكومي يوم 19 مارس، وطالب اليوم، في دغدغة لمشاعر الكتائب الإلكترونية، بمراجعته وتأجيل البث فيه إلى ما بعد الجائحة.  

لقد طالبت أحزاب سياسية وهيئات حقوقية، رئيس الحكومة بالخروج عن صمته لتقديم توضيحات بشأن مشروع قانون 22.20، خاصة أن مجلسا للحكومة إنعقد بتاريخ 19 مارس المنصرم، وصادق عليه مع توصية بالإحالة من أجل المراجعة والتعديل على لجنة تنقية و وزارية، وأن تسريبات مبثورة وأخرى مخدومة،  جعلت قواعد واسعة من المغاربة، وهي ترفض المس بالمكتسبات الدستورية، تنظر إلى الحكومة برمتها، كما لو أنها “حكومة المخادعات” لا “حكومة الكفاءات”، إعتقادا منهم أن حكومة العثماني، إنتهزت الحجر الصحي، لتمرير قانون تكميمي.

لذلك فصمت رئيس الحكومة، دون أن يواجه المغاربة بالحقيقة، حول مشروع قانون 2022 لا زال النص النهائي بشأنه موضوع الدراسة والتعديل من طرف لجنة وزارية، بدل ترك الرأي العام الوطني، رهين تسريبات تطرح أكثر من تساؤلات، لا مبرر له، رغم خروج  المصطفى الرميد، وزير الدولة وحقوق الإنسان صباح اليوم الجمعة، ببلاغ قبل “مطلع الفجر”، يحمل توقيع ديوانه، يبرئ من خلاله نفسه من تهمة الضلوع في “فضيحة التسريب”.

وإذا كان زعيم البيجدي، غير قادر على قول الحقيقة كاملة حول مشروع القانون المثير للجدل، على الأقل في هذا الظرف الصعب الذي تجتازه البلاد ولم يقدره من كان وراء التسريبات الغامضة، فهل يبادر بصفته كرئيس للحكومة، إلى تلبية طلب حزب الأحرار، الذي دعاه في بلاغ رسمي إلى “الإفراج عن النص المعتمد حتى يتسنى للأحرار إبداء موقفه الرسمي كهيئة سياسية تحترم الضوابط الحاكمة للمسار التشريعي في بلد ديمقراطي كالمغرب”.

إن عدم تدخل رئيس الحكومة، لحسم هذا الجدل، عبر مصارحة المغاربة بالحقيقة كاملة، يجعلنا نقف كثيرا ليس عند قول حزب الأحرار وهو يعتبر المكتسبات الحقوقية والدستورية خط أحمر، و “يحذر من أي سلوك قد يضرب مصداقية مؤسسة الحكومة وشخص رئيسها”، ولكن أمام سؤال إستقلالية قرار رئيس الأغلبية الحكومية، في الوفاء بإلتزماته تجاه شركائه في الحكومة، خاصة حزب الاتحاد الاشتراكي الذي نصبت لوزيره في العدل المشانق بسبب تسريب مبثور، وتجاه الناخبين، الذين صوتوا على حزب البيجيدي..

 فهل سيقول العثماني ما سيذكره به المغاربة؟ أم أنه سينتقل إلى تبني سياسة النعامة، تملصا من المسؤولية، وسكوتا عن الحق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *