مر أسبوع على تصريحات طبيب فرنسي عضو”المعهد الفرنسي للبحوث الطبية” في قناةlci  الفرنسية، التي قال فيها إنهم في طور البحث عن لقاح ضد كورونا والتفكير في اختباره على الأفارقة.

لكن لم أجد في الصحف الفرنسية كلمة عن الموضوع باستثناء قصاصات باردة ومحايدة عن اعتذار الطبيب وبعض مسؤولي المؤسسة التي ينتمي إليها، بعد أربعة أيام. ربما اعتقد البعض أن الاعتذار سببه احتجاج الأفارقة، وهذا غير صحيح الاعتذار جاء بعد الاحتجاجات الصادرة عن هيئات مكافحة العنصرية مثل sos racisme في فرنسا، فهم لا يهمهم احتجاج المتخلفين.

الصحف الفرنسية الكبرى لم تهتم بالموضوع، ولم تخصص افتتاحية لهذه الفضيحة، وهي التي اعتادت على تدبيج افتتاحيات نارية عن قضايا تافهة عند العرب والأفارقة، لكنها حاسمة عندهم بالنسبة لمصيرنا.

يومية لوموند قبل شهرين تقريبا نشرت افتتاحية – كنا علقنا عليها في وقته – عن “الحريات الفردية في المغرب”، من قرأها يظن أن المغرب مهدد بالفناء إذا لم يأخذ بتلك الحريات التي أطلق نداء عنها أفراخ فرنسا مثل تلك الكاتبة الجديدة بنت الأعيان الخارجة من رحم الاستبداد التي صنعت لها اسما في فرنسا بكتاب عن الجنس واللواط فحظيت بالجوائز، هؤلاء المحميون الجدد les nouveaux  protégés للإقامة العامة الفرنسية الجديدة.

المعروف أن اختيار موضوع الافتتاحية في الصحف الأوروبية قضية شبه إستراتيجية، فلا يمكن أن يخصصوا افتتاحية لموضوع معين إذا كان خارج الإستراتيجية السياسية الكبرى للدولة، لذلك فإن إهمال موضوع اللقاح يعني أن حياة الملايين من الأفارقة لا يهم الدولة الفرنسية، لكن الأعضاء التناسلية لكمشة من الشواذ والمنحرفين في غاية الأهمية.

لو أن فرنسا فعلا دولة “أخوة عدالة مساواة” كما يقول شعار الثورة الفرنسية التي ذبح فيها الفرنسيون بعضهم البعض ثم تصالحوا وخرجوا ليذبحوا الأفارقة، لو أنها كذلك فعلا لرأينا لقاءات تلفزيونية وافتتاحيات تندد وتستنكر، لكن هذا غير ممكن لأن إفريقيا هي ضرع أوروبا كلها. يقولون إن فلسطين بالنسبة لليهود هي أرض اللبن والعسل، لكن إفريقيا بالنسبة للأوروبيين هي أرض الماء والكلأ.

د. إدريس الكنبوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *