حاوره: مصطفى قسيوي

بعد الإجراءات الاحترازية التي قام بها المغرب للتصدي لفيروس كورونا والحد من تبعاته الاقتصادية والاجتماعية والصحية وما واكب ذلك من انخراط لجميع مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية والمدنية وموجة التضامن والتكافل التي انخرطت فيها كل مكونات المجتمع المغربي السياسية والاقتصادية وباقي فعاليات المجتمع المدني والمواطنين، لاحظ المتتبعون شبه غياب لرئيس الحكومة وعدم قدرته على تفعيل مؤسسة رئيس الحكومة في ظل دستور 2011 ، واكتفى بحملات تواصلية تكتنفها الضبابية عبر الفيسبوك والتويتر  وظهور تلفزيوني وحيد في الإعلام العمومي لم يشفي غليل المغاربة في طلب المعلومة والمعطيات الدقيقة للوضع الصحي بالبلاد ومعرفة  طرق آليات تنزيل رزمة الإجراءات التي تم اتخاذها لفائدة المتضررين من تبعات انتشار الفيروس الاقتصادية والاجتماعية.

 في هذا الحوار  يكشف، عمر الشرقاوي، المحلل السياسي والمتتبع للشأن العام بالمغرب، جانبا من “هفوات ” رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في عز أول أزمة تصادف وجوده على رأس الحكومة.

بعد  الإجراءات التي اتخذتها السلطات المغربية المختصة لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد ببلادنا والتي نوه بها الجميع، لوحظ اليوم شرود وغياب لرئيس الحكومة عن دائرة الأحداث كيف تقرؤون هذا الوضع كمحلل سياسي ومتتبع للشأن العام ؟

 أود أن أشير في البداية إلى أن جميع الإجراءات التي تم اتخاذها في إطار تدبير جائحة فيروس كورونا ببلادنا، إجراءات جيدة ومفيدة وفي غاية الإيجابية، لكن التحدي المطروح اليوم هو التنزيل الفعلي لهاته الإجراءات على أرض الواقع وبالشكل الجيد، وإن كان الوقت ليس وقت المحاسبة والتقييم، لكن لا ينبغي أن نكرر نفس مشاكل التدبير الحكومي التي عرفنا خلالها هفوات بين اتخاذ القرار وتنزيله، اليوم مطلوب الحسم في التنزيل الفوري للقرارات المتخذة لمواجهة تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية والاجتماعية وينبغي أن تذهب المساعدات إلى المتضررين وأن نعرف من سيستفيد وكيف تصل الاستفادة إلى جيوب وموائد المواطن المغربي وينبغي التعامل بصرامة في هذا الموضوع حتى لا تكون هناك فوضى في توزيع المساعدات مما يؤدي إلى خلق تجمعات من شأنها المساهمة في تفشي الفيروس عن طريق الاختلاط وكذلك حتى لا يتم استغلال الوضع سياسيا لأغراض انتخابية .

ورئيس الحكومة مطلوب منه في هذا الوقت بالذات أن يتخذ مبادرات لطمأنة المواطنين لا أن يظل شاردا معزولا، فأسلوبه في التواصل هذا لا يبعث على الاطمئنان ويجعل الناس المغاربة يتخوفون ويتساءلون عن الأمور التي ربما يخفيها رئيس الحكومة ، هذا فضلا عن ارتجاليته في اتخاذ بعض القرارات  كمثل المنشور الذي أصدره بشكل منفرد والقاضي بتوقيف الترقيات والتوظيف خاصة في قطاع التعليم .

 على ذكر هذا مرسوم تعليق الترقيات والتوظيف ، ما هي مؤاخذاتكم عليه

 بالنسبة لمنشور توقيف الترقيات والتوظيف هو إجراء دستوري يعطي الحق لرئيس الحكومة لاتخاذه وخرقه ما دمنا في ظرفية عصيبة تتطلب تقديم الأولويات لإنقاذ الأمن الصحي بالبلاد والحفاظ على الأمن العام، لكن في المقابل، وكون المغرب يتوفر في الوقت الحالي على بدائل أخرى يمكن من خلالها توفير هذا الجانب المادي، فمثل هذا الإجراء أمر غير مقبول، بحيث جاء بشكل معزول عن الإجراءات التي يتم اتخاذها في إطار الأولويات لمحاربة تداعيات فيروس كورونا، فإذا كان رئيس الحكومة يفكر في موارد مالية فهناك مصادر أخرى غير المس بالحق في الشغل والترقية، وكل ما حدث ينبغي أن يجعل رئيس الحكومة يفكر في وضع استراتيجيات عمل حتى لا نسقط في التدبير الارتجالي، عموما نحن في مواجهة حدث طارئ ومسألة تدبيره استدعت فقط تفكير بضع أسابيع ولا مجال للمحاسبة بل المطلوب تدارك ما يمكن تداركه ولو أن مسألة توقيف الترقيات والتوظيف في قطاع التعليم غير مقبولة حيث لا يمكن اعتبار رجل التعليم القنطرة الصغيرة خصوصا أن هناك قطاعات أخرى وموارد أخرى يمكن للعثماني البحث عنها وتوظيفها في تدبير الجائحة .

 كيف تفسرون غياب وزير الصحة عن التواصل مع المغاربة ومدهم بالمعطيات اللازمة عن الوضع الصحي بالبلاد ؟

 أعتقد أن وزارة الصحة وإلى حدود الأسبوع الأول من بداية انتشار الوباء كانت على مستوى جيد على مستوى التدابير المتخذة وعلى مستوى التواصل مع المغاربة ومدهم بالمعطيات اللازمة، كان هناك تواصل نموذجي لوزير الصحة ومدير مديرية الأوبئة،  لكن ابتداء من الأسبوع الثاني بدأ منسوب التواصل يتراجع وحدث ارتباك، وهذا ما يجعلنا أمام إحتمال أن هناك معطيات  يتم التستر عنها وهذا ما لا ينبغي أن يكون حتى لا تتناسل الإشاعات وتعطى الفرصة لنشر الأخبار الكاذبة مما يزيد في تفاقم الوضع .

نحن الآن في ذروة الأزمة ولذلك ينبغي على وزارة الصحة ورئيس الحكومة أن يخرجوا لطمأنة الناس وتوضيح الأوضاع وإعطاء التقديرات وتقييم التدابير المنجزة لا إعطائهم أرقام جافة قد تزيد من حدة الإحتقان وتترك المجال للإشاعات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *