الرباط- جمال بورفيسي
طالب العديد من أعضاء اللجنة المركزية قيادة حزب التقدّم والاشتراكية بالخروج من التحالف الحكومي المشكل من ستة أحزاب، رغم غلبة التوجه الداعي إلى البقاء في الحكومة داخل برلمان حزب التقدم والاشتراكية، الذي التأم أمس السبت في الرباط.
وجاءت مطالبات هؤلاء الأعضاء على خلفية المشاكل المتراكمة داخل الحكومة، التي تعيش على وقع خلافات وصراعات تؤثر سلبا على أدائها، وكذا على خلفية المشهد السياسي الهش والمرتبك والمضبب.
ورغم الشكوك التي عبّر عنها العديد من أعضاء اللجنة المركزية بشأن الجدوى من الاستمرار في الحكومة، دعمت غالبية الأصوات الموقف الذي كشفته القيادة في تقرير المكتب السياسي الذي تلاه نبيل بنعبد الله، والذي أكد أن مسألة “مواصلة حضورِ الحزب في الحكومة ليست أمرا مقدسا”، بل إنها موضوع يُمْكن الرجوع إليه والتداولُ فيه ومراجعته في أية لحظة من قبَل اللجنة المركزية، صاحبة القرار الأول والأخير، إذ بقدْر ما تماهت الحكومة، التي نحن الآن جزءٌ من أغلبيتها، مع منطقِ وديناميةِ الإصلاح، بقدر ما حظيتْ بدعمنا وانخراطنا، إلا أنه إذا ابتعدت عن ذلك “فسنعود إليكم قصد اتخاذ الموقف المناسب”.
وأكد تقرير المكتب السياسي للحزب أن من أهم الخطوات التي يتعين على الحكومة أن تخطوها الاجتهاد الجدّي في صون السلم الاجتماعي، وجعل الحوار الاجتماعي حقيقيا ومنتجا، من خلال التفاعل اللازم مع المطالب المشروعة للطبقة الشغيلة، وتحَمّل المسؤولية السياسية بشجاعة تتجاوز المنطق الحسابياتي والهاجس الموازناتي، في بلورة اتفاق اجتماعي مع المركزيات النقابية، ما من شأنه أن يعطي دلالة أصدَق لنوايا الإصلاح المعلنة.
وشدد التقرير على ضرورة الانتباه إلى المخاطر المحدقة والمشاكل التي تتخبط فيها شريحة واسعة من المواطنين، فقد “نادينا بالنفَس الديمقراطي الجديد لأن بلادنا قطعت فعلا أشواطا لا تُخطئها عينُ الموضوعية على درب بناء الديمقراطية ودولة الحق والقانون والمؤسسات، وعلى صعيد الحقوق والحريات، وعلى مستوى مكتسبات المجالين الاقتصادي والاجتماعي… لكنْ في الوقت ذاته، لا يمكن لأحد أن يُغفلَ أو يتغافل عن رصد كثير من مظاهر الانحباس المجتمعي التي يواجهها وطنُنا، والتي تكاد تشمل كل الطبقات والفئات الاجتماعية، وتغطي بالتأكيد كافةَ مناحي الحقول، السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. واقع مجتمعي تنامى فيه الشعور بالغضب والحنق والغبن والحكرة والقلق والحيرة والخوف من الغد… وتراجَع فيه منسوبُ الثقة إلى مستويات متدنية.. وتصاعدتْ فيه التوتراتُ في عدد من المناطق، وتزايدتْ فيه درجةُ الاحتقان والاحتجاج ضد الأوضاع المعيشية، وتعددتْ حركاتُ المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية… وتنوعتِ التعابيرُ التي يستحق معظمُها الاحترام لتَقَيّده بالمشروعية”..
ومن باب البداهة، يضيف التقرير، أن “ينتعش الالتباسُ ويتعمقَ الإحساسُ بانسداد الآفاق، في ظل الأجواء السلبية التي تخيم على الوضع السياسي في بلادنا، ليس فقط إذا غابت المبادراتُ العمومية القادرة على احتواء الاحتقان، ولكنْ أيضا إذا حضرت المبادراتُ الإصلاحية وغاب معها، وعنها، ذلك التأطيرُ والتواصل الضروريان من قِبل فاعلين سياسيين جادين وذوي مصداقية وإقدام، حاملين ممارسة سياسية قادرة على إعطاء المعنى لهذه المبادرات، إن هي وُجدت، وبثّ روح فيها تُسهم في إشاعة الاطمئنانِ والثقة، وفي زرع الأمل، وتبديد المخاوف والشكوك، ورَدْم الهوة السحيقة التي حُفرت بين الشباب وبين الحياةِ العامة، فاعلينَ سياسيين يتمتعون بما يكفي ويلزمُ من حساسية تُجاه خطورة الأوضاع وتحدّياتها، قادرين على التفاعلِ بجرأة ومسؤولية واقتناع مع ما يطرحه المجتمعُ من تساؤلات وما يعبّر عنه من مطالبَ وحاجيات”.