طلحة جبريل

ثمة مفارقات كثيرة في ”سيدي يحيى الغرب”. سكانها يعتبرونها مدينة، ظني أنها في منزلة بين المنزلتين.

في مدخل البلدة دلفنا نحو مقهى. مكان أنيق نظيف. جميع العاملين فيه من الجنس اللطيف. يتوفر على كل ما يحتاجه المسافرون، لكن لم أجد صحفاً. سألت المشرفة على المقهى عن سبب عدم وجود الصحف اليومية، علما بأنه يوجد كل شيء، بما في ذلك هدايا وألعاب الأطفال. كان جوابها ملفتاً، إذ أشارت إلى “دفتر انطباعات الزوار” وطلبت مني  الكتابة عن هذا الموضوع… 

كتبت في الدفتر “أقترح عليكم بيع الصحف في هذا المكان الأنيق”.

زرت “سيدي يحيى” بدعوة من “شبكة المقاهي الثقافية “للحديث عن “واقع ومستقبل الصحافة في المغرب”. كان ” ؟مقهى أمال”، حيث عقد المكان يغص بالحضور، لكن أكثر ما لفت انتباهي وجود فتيات وسط الجمهور، إذ أن وجود شابات داخل مقهى في مدينة صغيرة ليس أمرا معتادا، هكذا أظن.

راقنى أنهن جميعاً طالبات يتحدرن من البلدة ويتابعن دراساتهن العليا في القنيطرة.

أدار اللقاء الشاعر محمد بلمو. وتحدث في التقديم كل من بوعزة الخلقي ويحيى عمران، إذ تطرقا لـ”القيم والإعلام” و”الأخبار الزائفة”.

طرحت من خلال مداخلتي بعض الأفكار. قلت “إن أنجح الصحافيين هم الأكثر تعاسة، لأنهم يبحثون عن الحقيقة، وهو بحث لا ينتهي إلا في القبر”. قلت، أيضا، إن “العلاقة بين الصحافي والسلطة علاقة مركبة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالحدث السياسي. كلاهما يحتاج الى الآخر، لكن كلاهما يخشى الآخر. السلطة تخشى الصحافي وفضوله، والصحافي يخشى السلطة وتغول، إذ أن السلطة لا تضيق بنشر الآراء، لكن ضيقها كله ينصبّ على نشر المعلومات والوقائع”. وقلت كذلك “إن الصحافة في أي بلد، وبالتالي الأخبار والأحداث، هي جزء لا يتجزء من الحياة السياسية في ذلك البلد”.

أعقب المداخلة نقاشٌ استفدت منه كثيرا. كانت هناك طرائف كذلك من خلال المداخلات. إذ قال أحد المتدخلين إنني كتبت مرة أن الأشجار التي تحيط بمدينة سيدي يحي الغرب هي أشجار زيتون، في حين هي أشجار “أوكالبتوس”. كنت، وما زلت، أجد صعوبة شديدة في نطق هذا الكلمة، لذلك اقترح البحث عن اسم بديل، مثلا “أوكا” بدون “لبتوس”.

أما الطرفة الأخرى فقد تمثلت في أن إحدى المتدخلات تحدثت باللهجة السودانية. نعم، لهجة سودانية حقيقية. 

تعرفون ذلك التعبير الذي يقول “فغرت فمي دهشة”..

حكاية هذه الشابة المغربية، وتدعى نهاد المجاهد، وهي طالبة ماستر (ماجستير) في علم الاجتماع، والتي تتحدث لهجة بعيدة كل البعد عن اللهجة المغربية، تستحق أن توثق في كتاب. يمكن أن أقترح له عنوان “سودانية سيدي يحيى الغرب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *