le12.ma -سبّور

“الطاس يخلق المفاجأة ويقصي الدفاع الجديدي”، “مفاجأة.. الطاس يتأهل إلى نهاية كآس العرش”، “الاتحاد البيضاوي يحجز بطاقته في نهاية الكأس”… نماذج لعناوين مفترَضة لإخبار أجيال مشجعي الـ”تاس”، الاتحاد البيضاوي، بتأهّل الفريق، لأول مرة في تاريخه، إلى نهائي كاس العرش.    

وحقّق الـ”تاس” هذا الإنجاز التاريخي على حساب الدفاع الحسني الجديدي (0- 1) في آخر دقيقة في الشوط الإضافي الثاني.

وكما كانت المباراة تاريخية بحكم الإنجاز غير المسبوق للفريق، شهدت تجربة فريدة أيضا، تمثلت في تدخّل “الفار”، التي اعتُمدت رسميا لأول مرة في المغرب.

تولّى اللاعب علي عشا لضربة الجزاء التي أعلنها الحكم الكزاز وحوّلها إلى هدف يلخّص مسيرة طويلة لفريق عتيد في ملاحقة الألقاب.

الطاس.. النشأة

كما الفرق العريقة، ولد الاتحاد البيضاوي في أحد الأحياء الشعبية لمدينة الدار البيضاء في 1947، في ظروف صعبة كان خلالها المغرب في قبضة الاحتلال الفرنسي.

في منطقة “كاريان سنطرال” كانت الصرخة الأولى لميلاد الاتحاد البيضاوي لكرة القدم وسط كبريات المعامل والمصانع الكبرى التي تزخر بها العاصمة الاقتصادية للمملكة ووسط أكبر تجمع للأكواخ الصفيحية، مثل كاريان زرابة وكاريان الخليفة وكاريان بوعزة وكاريان العرش، وكاريان القبلة وكاريان البشير وكاريان الرحبة ودوار السي أحمد، وغيرها من البنايات السكنية التى بنيت من أجل إيواء اليد العاملة المتوافدة على المنطقة طلبا للعمل..

تنوع سكاني وثقافي واجتماعي رأت فيها الأحزاب الوطنية ضرورة تأطير هؤلاء العمال لإسماع صوتهم والتعبي رعن سخطهم تجاه تلك الأوضاع المزرية والحقوق المسلوبة التي يعيشها العمال في ظل الإدارة الاستعمارية، كتكتلات نقابية أو منظمات أو رياضية.

في 1947 (وهناك من يقول 1942) قرر بعض من رجال الحي المحمدي، محمد العبدي ومحمد الأخضر وعبد الرحمن اليوسفي، الوزير الأول سابقا، تأسيس هذا النادي، الذي مثل سكان الحي وشرّفهن عبر محطات بقيت في ذاكرة مشجّعي الفريق. 

استقطب بعض الغيورين من الوطنيين آندئذ، شبابا من أبناء الكاريانات ونظموهم لتكوين فريق حر لكرة القدم في الحي المحمدي، ليكون غطاءً لتحركات أفراد المقاومة والتستر على أنشطتهم واجتماعاتهم، ما يسهّل تنقلاتهم عبر تراب المملكة بغطاء رياضي.

العربي الزاولي

كان العربي الزاولي ضمن الشباب الأوائل الذين جرى استقطابهم إلى مشروع الـ”طاس”، إذ كان لاعبا ومكلفا بتدريب اللاعبين.

وبما أن الجامعة الفرنسية لكرة القدم في المغرب كانت تفرض شروطا “تعجيزية” على الفرق التي تتشكل غالبية لاعبيها من المغاربة، فقد بقي الفريق يلعب في قسم الهواة، قبَل أن تتأسس جامعة حرة لكرة القدم، ترأسها عبد السلام بناني،

و التحق بها فريق الاتحاد البيضاوي.

كانت تشكيلة الفريق آنئذ تتألف من سكارين في حراسة المرمى، صالح، الحسين الدليمي، العربي الكوشي، المعطي الحريزي، المعطي البحري، محمد بوصبيعات، العربي الصغير، محمد، حيدا، خوماني، سلام الطوبيس، مالاكا، عبد السلام فريكان، العربي الزاولي، لعوينة، المكي، بن المجدوب.

في 1950 سُمح للاتحاد البيضاوي بالانخراط بالعصبة الفرنسية لكرة القدم، في قسمها الرابع، وصارت تشكيلة الفريق كالتالي: في حراسة المرمى صالح، سي محمد بوصبيعات، العربي الدحوم، العربي الصغير، الحسين الدليمي، العربي الكوشي، المعطي الحريزي، محمد لعوينة. وتم تطعيم الفريق ببعض اللاعبين الشباب، مثل السي إبراهيم، إدريس مرادي، مولاي عبدالله، ميلود لعور والحسين الزاز.

وشقّ الـ”طاس” طريقه في الميدان بواسطة العربي الزاولي، المدرب، وعبد الكبير عارف وأحمد ريحان وغيرهم.

ولم يسلم لاعبو الفريق من تعسفات سياسية ومضايقات إدارة الأمن العامّ للاحتلال الفرنسي، التي كانت تريد وقف نشاط هذه الفرقة الوطنية، حتى صعد الفريق إلى القسم الأول في موسم 54 -55.

هبوط فصعود فتتويج

في 1959 طبع الفتور أداء لاعبي الاتحاد البيضاوي، الذي نزل إلى القسم الوطني الثاني في 10 ماي، في مباراة أمام مع حسنية أكادير.

وبينما ظنّ كثيرون أن الفريق “سقط” إلى الأبد بهبوطه إلى القسم الموالي وأن عزائم لاعبيه ومسيّريه قد انهارت، أبى لاعبو الفريق زادت عزم اللاعبين وثباتهم على التشبث بقسم الأضواء. ومن أجل بلوغ هذا الهدف كافحوا طوال الموسم الرياضي، ليتوجوا ببطولة القسم الثاني ويعودوا إلى القسم الأول.

فوق ذلك، تأتّى لهم الفوز بطولة المغرب للموسم الوطني الأول، بمجموعة تتركب من بوشعيب الزاز، حارس المرمى،  وسلام ـ ميلود 1 وميلود 2 وعزوز وقربال ومولاي عبد الله والسي إبراهيم، عميد الفريق، وإدريس  وأحمد مضناك  وفاتح  وابن صالح والعربي 2.

ويفتخر هذا الفريق، بالعربي الزاولي المزداد في 1922 في الشياظمة، إقليم الصويرة وتوفي بتاريخ 13 أبريل 1987، وعمره 65 مخلّفا سبعة أبناء.

اليوسفي والطاس

كان عبد الرحمان اليوسفي واحدا من ثلاثة من أبناء الحي المحمدي ممن بادروا، في 1947، إلى جانب محمد العبدي ومحمد الأخضر، إلى تأسيس ناد يمثل ساكنة الحي ويشرّفها، في ظل هيمنة الرجاء والوداد حينئذ على الكرة في الدار البيضاء.

ورغم أنه لم يكن سهلا تأسيس فريق ينافس هذين الاسمين، فقد نجح رجال الحي المحمدي في تكوين فريق قوي نال إعجاب عشاقه بين سكان الحي المحمدي.

ومنذ ذلك العهد، حافظ اليوسفي على عشقه لهذا النادي العريق. ورغم أنه انشغل بمساره السياسي الذي اختطه لنفسه، ظل محافظا على حبه للفريق.  

وكدعم للاعبي الفريق، استقبلهم عبد الرحمان اليوسفي، الجمعةما قبل الماضي ، داخل منزله قبل نصف نهائي كأس العرش، متمنيا أن يفوزوا في مباراة الدفاع الحسني الجديدي، وهو ما تحقّق للفريق بعد فوزهم على الجديديين في آخر أنفاس مباراة ماراطونية.

على سبيل الختم

وعد اليوسفي، مكونات الفريق بحضور مباراة النهاية، في حال تأهل الطاس، وهو ما تحقّق أيضا..

فهل يُكتب لليوسفي، ممثلا للجيل الأول من عشاق الطاس، أن يرى لاعبيه من الأجيال الحالية يرفع كأس العرش؟…

من يدري، فهو الاتحاد البيضاوي، فريق الحي المحمدي بالدار البيضاء، الحيّ الوحيد في المغرب الذي مثّله فريقان في القسم الأول، هما الاتحاد البيضاوي وشباب الصخور السوداء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *