محمد الركيبي

إنتقد نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، بحدة عدم إنخراط حكومة سعد الدين العثماني، من خلال مشروع قانون المالية 2020، في الانتقال إلى المرحلة الجديدة في المسار التنموي لبلادنا التي بشر بها الملك، مؤكدا أن الحكومة على المستوى الضريبي تتجه نحو تكريس مقولة “عفا الله عما سلف”.

وقال الأمين العام لحزب الاستقلال، إن الانتقال إلى المرحلة الجديدة في المسار التنموي لبلادنا التي بشر بها جلالة الملك، تبدأ من الآن، وتتطلب انخراط الجميع، بالمزيد من الثقة والتعاون، والوحدة والتعبئة واليقظة، غير أنه أشار إلى أن مشروع قانون المالية 2020 الذي تقدمت به الحكومة المُعدلة، لا ينخرط في هذه الإرادة ولا يؤشِّر على ما تستدعيه اللحظةُ الحالية من وحدة وتعبئة ويقظة من أجل مواجهة التحديات المطروحة.

وأكد زعيم حزب الاستقلال، أمام برلمان الحزب السبت بسلا، أنه كان يأمل في أن يتجاوب مشروع القانون المالي مع انتظارات ومستلزمات هذه الوجهة الجديدة التي يتطلع إليها الجميع، والإنصات لنبض الشارع، وإحداث قطيعة مع السياسات التي أبانت محدوديتها وفشلها، وعدم تكريس منطق الاستمرارية الذي يكرس الفوارق المجالية والاجتماعية، ويزيد من تقهقر القدرة الشرائية وخاصة بالنسبة للطبقة المتوسطة، وذلك بالرغم من الشعارات والأهداف المعلن عنها.

وأضاف نزار بركة، وهو وزير سابق في الاقتصاد والمالية، أنه بدل أن تلتزم الحكومة بوعودها من خلال تقديم مشروع القانون الإطار المتعلق بالنظام الضريبي الجديد، في ضوء نتائج المناظرة الأخيرة للجبايات، اختارت هذه الحكومة الاستجابة لإملاءات الاتحاد الأوروبي وإضعاف القدرة التنافسية للمقاولة المغربية وجاذبية بلادنا للاستثمارات، وهو ما يشكل تفريطا في سيادة القرار الاقتصادي الوطني، وسابقة خطيرة بالنسبة للمستقبل.

ومضى الأمين العام، قائلا، إن الحكومة أدرجت بانتقائيةٍ غير مفهومة عددا من التدابير الضريبية التي تناقضُ الفلسفة والقيم التي كانت محطَ إجماعٍ من قبل مختلف المشاركين والفاعلين في أشغال المناظرة الثالثة للجبايات، من قبيل الأمن القانوني الضريبي، والعدالة الضريبية، والمواطنة الضريبية التي هي واجب أساسي من واجبات المواطنة الكاملة غير القابلة للتجزيئ.

وإنتقد المسؤول الحزبي، تجاهل الحكومة المعدلة من خلال مشروع قانونها المالي، وفق رأييه، كل ما من شأنه إنقاذ الطبقة الوسطى والقدرة الشرائية من التدهور والاندحار، الذي كان محورا أساسيا ضمن مخرجات مشروع المخطط الجبائي الذي انبثق عن أشغال المناظرة.

وإتهم بركة، الحكومة، بالتخلي بكيفية سافرة عن القدرة الشرائية للمواطن، ليواجه مصيره وحيدا أمام تقلبات أسعار السوق وغلاء المعيشة، لتكتفي الحكومة في مقابل ذلك، باعتماد الحلول السهلة من خلال إطلاق عفو ضريبي متعدد المجالات، الغاية منه هي جمع الأموال أينما كانت، وأيا كان مصدرها.

وإعتبر الأمين العام، أن العفو الضريبي الذي تنتهجه هذه الحكومة فيه مساس بدستورية مبدإ المساواة أمام الضريبة، وبشعور الطمأنة والانخراط في احترام القانون، وفيه مساس كذلك بصورة المغرب وبمجهوداته في إرساء الشفافية المالية ومحاربة التهرب الضريبي، ومكافحة تهريب وتبييض الأموال، وغيرها من الالتزامات الدولية لبلادنا.

ويرى أن  مثل هذه التدابير المتعلقة بالعفو الضريبي، لا يمكن أن تصبح اعتيادية ودورية (2014-2020)، ولا يمكنها أن تصل إلى الأهداف المتوخاة منها فعلا، إلا إذا كانت في ظل أجواء تغمرها الثقة، والأفق الواعد، والرؤية الواضحة للمستقبل وهو للأسف ما ينقص بلادنا اليوم.

وفي هذا الإطار يضيف نزار بركة، طالبنا رئيس الحكومة، بإسناد مشروع القانوني المالي لسنة 2020 ببرنامج حكومي جديد على مدى السنتين القادمتين، على أساس أن يكون بمثابةِ تعاقدٍ للثقة مع البرلمان والمواطن على حد سواء، ذلك أن ما يقترحه مشروع قانون المالية للسنة القادمة، هو الدفع بتوجه “عفا الله عما سلف” إلى حدود ما يمكن تسميته بـ”إنقاذ ما يمكن إنقاذه”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *