يقال “ما لا يدرك كله، لا يترك جله”. والحال أن جزءا من الإعلام المغربي اهتم بأمر “مقاطعة الديربي”، عوض أن يهتم بالديربي نفسه، وما يمكن أن تعود به المباراة، ومشتملاتها، على المغرب، وصورته، على المستوى الوطني والعالمي.
كيفاش؟
لنوضح. فالمفروض في الإعلام أنه يخبر، ويوجه، ويثقف، ويرفه، ويقدم الخدمة أيضا. وكل ذلك بتوازن كبير، ودون ميل إلى شيء على حساب الآخر، اللهم جانب الخبر والإخبار، ذلك أنه ما يقوم عليه العمل الإعلامي بالأساس، فيما تكون البقية مكملة.
وهكذا، وبناء على ما سبق، فقد كان ممكنا أن يؤدي إعلامنا خدمة للوطن من حيث الإخبار؛ أي الاشتغال على كل ما له صلة بالديربي البيضاوي، وتسويقه إلى الناس، لاسيما في الخارج، حيث الإقبال على كل ما هو مغربي يتزايد، منذ أن وصل المنتخب الوطني لكرة القدم إلى نصف نهائي كأس العالم، وإلى منتهى القلوب.
زيد وضح، آش باغي تقول؟
ألم يكن ممكنا، عوض التركيز على دعوة الجماهير إلى حضور الديربي، حد المزاوكة والرغيب، الانتباه إلى الربورتاج، والبورتريه، والمشاهدات، والحوار، بحيث ينقل الإعلام، وبلغات متعددة، لاسيما منها الإسبانية والإنجليزية، والصينية، وووو (اعتمادا على تقنيات الذكاء الاصطناعي)، بحيث يُتحدثُ عن المدينة القديمة، ودرب السلطان، وبقية معالم كازا المثيرة، من قديمها وحديثها، وفريقيها، وملعبيهما، ورجالاتهما؟
ألم يكن ذلك أجدى وأنفع؟ ألم يكن ذلك ليسوق صورة المغرب أكثر فأكثر؟ ألم يكن ممكنا الحديث عن التحديث الذي هم المدينة القديمة؟ ومعالم الحبوس؟ وسيدي بليوط؟ ومثلث الفنادق؟ وإجراء جولة في الترامواي والباصواي، حيث تخترق الكاميرا أهم وأبرز أحياء كازا، قديمها وجديدها؟؟ وزيارة المتاحف؟ والحدائق، على قلتها؟ وتصوير النافورة، ومعلم العمالة، بساعتها العجيبة، والبريد، وبنك المغرب، وغيرها؟؟ ومحطات القطار، والقطار السريع؟؟.
كلها معالم كانت تستحق أن يعاد اكتشافها، وتسويقها، وإبراز التطور العمراني للدار البيضاء، ومن خلالها، المغرب، برباطه، وعيونه، وطنجته، وأكاديره، ومراكشه، ووجدته، وتطوانه، وبواديه وقراه، وسهوله وهضابه وصحرائه.
يا سلام، لكان ذلك أتاح للناس أن يتجولوا عبر أرجاء كازا العزيزة، ولغيرهم، عبر العالم، اكتشافها، والرغبة في زيارتها، وبرمجة ذلك، بما يسهم في زيادة عدد السياح، وزيادة انتشار صورة وسمعة المملكة في أقطار الدنيا كلها، وهو ما سيصفق له جمهور الوداد والرجاء، حتى وهو يقاطع الديربي، احتجاجا على ما يراه من حقه.
الخلاصة..
ليتأكد غيرنا من صحة ما ذهبنا ونذهب إليه، نقول له، هل ترى أن الإعلام إياه، الذي كان يوالي من يوالي، وهو يستثمر حديثه عن دعوة الجماهير إلى الحضور، حقق ما كان يصبو إليه؟؟؟ هل استطاع أن يقنع الجماهير فعلا بالحضور؟؟؟
كلا، وألف كلا..
إذن، فالمرة الماجية، يستحسن يدير الإعلام الدور دياله فقط. ومن يدعوه إلى التوجيه، تا هو يدير الدور دياله.. فقط..
تحياتي
*يونس الخراشي/كاتب صحفي ومؤلف رياضي