“راه عندي في الشارج ديال التليفون 23 شرطة، راه با يطفا”، تقول ممرضة حافلة طاطا نعيمة الحيان لشقيقتها، وكان ذلك آخر إتصال بينهما، قبل أن تطلق نداء الاستغاثة عبر “أوديو وات ساب”، الذي هز قلوب المغاربة، بينما كانت الحافلة التي تركبها تجرفها حمولة مياه وادي طاطا.

*إدريس لكبيش

 لم تكن الممرضة نعيمة الحيان، تعقد أن رحلتها من منطقة أقا حيث تعمل في مركز صحي عمومي، الى مدينة طاطا القريبة ستكون الرحلة الأخيرة في حياتها.

مغرب الجمعة 20 شتنير الجاري، ستركب الممرضة الشابة نعيمة الحيان، حافلة “الموت” المملوكة للبرلماني البامي الزاكوي، في رحلة قصيرة من منطقة أقا الى مدينة طاطا، لكنها كانت الرحلة الأبدية الأطول.

كانت الممرضة نعيمة، منذ عصر ذلك الجمعة، في إتصال متواصل مع أفراد عائلته المتكونة من أب شيخ مريض أم مسنة وثلاث أخوات يصغرنها في العمر.

 إتصالات هاتفية، يقول أحد أفراد عائلتها لمراسل جريدة le12.ma، كلها تطمينات حول قرب وصولها الى طاطا، وتحذيرات لأخواتها الصغار من مغبة مغادرة منزل العائلة وصوت الرعد يذوي في السماء والبرق يخطف الأبصار.

لم يدم كثيرا من الوقت على صعودها حافلة “سريع الباني”، حتى إزدادت قوة الرياح والامطار، وإرتفع مسنوب وادي طاطا في دقائق معدودات.

“راه عندي في الشارج ديال التليفون 23 شرطة، راه با يطفا”، تقول ممرضة حافلة طاطا نعيمة الحيان لشقيقتها، وكان ذلك آخر إتصال بينهما، قبل أن تطلق نداء الاستغاثة عبر “أوديو وات ساب”، الذي هز قلوب المغاربة، بينما كانت الحافلة التي تركبها تجرفها حمولة مياه وادي طاطا.

“وا البنات هو قريب لينا، قريب لينا، ياربي تسموحوا لينا، هاهو الواد راه تنسمعوا الوقاية المدنية مزال ماجاتش واعتقونا، وا عتقوا الروح”.

كان هذا هو نداء الاستغاثة، الأخير الذي أطلقته الشهيدة نعيمة الحيان، قبل أن تصعد روحها إلى السماء، مخلفة وراءها أب مريض وأم مسنة وثلاث أخوات صغار عرضة للضياع بعدما كانت معيلتهم الوحيدة.

 

نحن الآن قبل فيضانات طاطا، بأشهر، ستشهد عائلة الحيان فرحة سرعان ما خطفتها سيول سبتمبر الثقيل، والحدث خطوبة الممرضة نعيمة، وبدء إستعدادها للزواج.

لقد أعدت الشهيدة نعيمة، كل شيء من أجل الفرحة الكبرى، فرحة الزواج.

 فكان أن نقلت ظروف سكن عائلتها من ما يشبه “خربة”، الى منزل يحفظ الحد الأدنى من الكرامة، لكن القدر كانت له مشيئة أخرى.

“الله يرحمها، الله يرحمها، كانت تستعد مسكينة للزواج ولكن ربي بغاها الله يرحمها”، تقول” شقيقتها.

لم تكن قصة نعيمة هي القصة المؤلمة الوحيدة، لضحايا شتاء طاطا، بقدر ما فاضت قصص الضحايا من الزرع والضرع والبشر بالألم.

 

حمولة وادي طاطا بلغت 3000 متر مكعب في الثانية والضحايا في تزايد

 

بينما سجل ارتفاع الحصيلة المؤقتة لضحايا حافلة طاطا، سجل صبيب قياسي وتاريخي لوادي طاطا، خلال الساعات الماضية التي عرفت أمطار طوفانية جرفت الحافلة.

وأفاد معطيات محلية، أن سرعة صبيب الوادي بلغت 3000 متر مكعب في الثانية، وأن مركز مدينة طاطا الذي يخترقها الوادي عرفت تساقطات بلغت مقاييسها 92 ملم.

وفي منطقة أقا المتواجدة في نفوذ إقليم طاطا، سجلت مقاييس الأمطار 127، ملم، وذلك خلال الـ24 ساعة الماضية.

وارتفعت حصيلة ضحايا حادث حافلة نقل الركاب التي جرفتها السيول بإقليم طاطا، حيث تم العثور على 5 ضحايا، في آخر حصيلة مؤقتة، فيما لازال البحث جاريا على 11 مفقود، في حين تم نقاد 13 راكبا لحد الساعة.

وكانت الأمطار الرعدية التي شهدها إقليم طاطا أمس الجمعة، قد جرفت حافلة لنقل الركاب بعدما حاصرتها السيول على مستوى قنطرة “واوغرت” بمدخل مدينة طاطا.

وذكرت مصادر الجريدة الإلكترونية “le12.ma ” أن الحافلة كانت قادمة من مدينة طانطان في اتجاه مدينة طاطا، حيث حاول سائقها عبور القنطرة التي غمرتها السيول، قبل أن تنحرف  عن مسارها وتحاصرها المياه.

وقد تمكن بعض الركاب من الصعود إلى سطح الحافلة وإطلاق نداءات استغاثة، قبل أن تتدخل السلطات المحلية وعناصر القوات المسلحة الملكية والوقاية المدنية الذين حلوا بعين المكان، من أجل إنقاذ الركاب العالقين وسط السيول.

وأفادت السلطات المحلية بمدينة طاطا، أنه قد تم جراء السيول الفيضانية، تسجيل حالةواحدة لسيدة في عداد المفقودين بدوار ايغورتن جماعة تكزميرت قيادة اديس.

وقد خلفت هاته التساقطات الرعدية الاستثنائية ارتفاعا لمنسوب العديد من المجاري المائية بنسب غير مسبوقة، حيث بلغت حمولة واد طاطا فقط أكثر من 3000 متر مكعب في الثانية، وكذا واد زكيد 1900 متر مكعب في الثانية.

أما فيما يتعلق بالخسائر المادية، فقد عرفت جل مناطق الإقليم تسجيل أضرار متعددة، حيث، وفي حصيلة مؤقتة، تم تسجيل انهيار كلي أو جزئي لبعض المنازل، والتي سبق إجلاء قاطنيها.

كما تسببت الفيضانات في انهيار كلي أو جزئي لعدة منشآت فنية بالإقليم، وتضرر عدة مقاطع طرقية، وانقطاع حركة المرور بعدة محاور.

وأبرز المصدر ذاته أن السلطات العمومية وكافة القطاعات المعنية ومختلف المتدخلين، عملت على التعبئة الشاملة لجميع الوسائل اللوجستيكية والموارد البشرية، من أجل التدخل الفوري،  لمواجهة هاته الوضعية الاستثنائية، وتقديم الدعم والمساعدة للمواطنين.

وتستمر لحدود الساعة الجهود من أجل البحث والعثور عن المفقودين وإعادة تشغيل شبكات الربط الطرقي وشبكات الخدمات بالإقليم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *