زياش يبقي هو رجل المباراة بلا منازع، وتظل علاقته المميزة بالمدرب مصدر تساؤل حول مدى تأثير هذا الاحتضان العاطفي على أداء الفريق ككل.
إيطاليا- عبد المجيد الفرجي
في تحليل لمباراة المغرب ضد الغابون (4-1) ضمن تصفيات كأس الأمم الإفريقية 2025 بملعب أدرار أكادير، بدا الناخب الوطني وليد الركراكي، أشبه بمخرج سينمائي، وهو يختار بطله الرئيسي (حكيم زياش)، لتحقيق هدفه الأول (الفوز)، ثم يستغني عن لقطات، أو يؤجل إقحامها لخدمة حبكة القصة.. يعرف متى وكيف يتخذ القرارات الحاسمة التي تقود فريقه نحو أفضل أداء.
كان قرار الركراكي باستبعاد لاعبين بارزين في الهجوم وصناعة العمليات الهجومية، مثل يوسف النصيري، أيوب الكعبي، وعز الدين أناحي من التشكيلة الرسمية، بمثابة مخاطرة كبيرة، لكن في النهاية، أثبتت جدواها بشكل واضح.
إحدى تلك القرارات الحاسمة تمثلت في وضع حكيم زياش في مركز غير معتاد دوما كمحور رابط بين وسط الميدان والهجوم، متقمصًا دور أوناحي المعتاد.
كان هذا الخيار يحمل الكثير من المجازفة، لكنه أظهر قدرة زياش على قيادة الفريق وربط خطوط اللعب بمهارة.
قد يرى البعض أن زياش كان أنانيًا في احتكاره لتنفيذ ضربات الجزاء، لكن من زاوية أخرى، يمكن فهم هذا القرار كتحمل لمسؤولياته كقائد للفريق، خاصة بعد تجربته المريرة في كأس إفريقيا 2019، عندما أضاع ضربة جزاء حاسمة ضد مصر.
أما عن قرارات الركراكي التكتيكية، فقد برزت بشكل لافت في الشوط الثاني من المباراة، حين أظهر مرونة في تبديلاته وإدارته للمجريات.
أحد أبرز هذه اللحظات كان تمرير أناحي كرة حاسمة للكعبي قبل دقائق من نهاية المباراة (د82)، ليختتم الأخير مهرجان الأهداف بآخر رابع في شباك الغابون.
لم يقتصر نجاح الركراكي على هؤلاء فقط، بل كان قراره الرهان على ثلاثي الألعاب الأولمبية الخنوس، الزلزولي، ورحيمي، قرارًا موفقًا.
فرغم أن رحيمي لم يسجل، إلا أنه ساهم ( وهو يتقدم ويموه مدافعين) ليخلو المجال لدياز الذي سجل الهدف الثالث للأسود، بعد تمريرة متقنة من الزلزولي الذي تلقى الكرة من زياش، القائد الرابط. هذا الأخير كان بلا شك نجم المباراة، حيث أظهر كفاءة استثنائية في صناعة اللعب، وإن وجهت له انتقادات من جمهور السوشيال ميديا الذي لا يمكن إرضاءه دوما.
في المقابل، هناك بعض الانتقادات لقرار الركراكي بوضع المزراوي كظهير أيمن وحكيمي كظهير أيسر، مما أثر على أداء حكيمي في الشوط الأول في مسار تقدمه إلى موقع الجناح الأيسر حيث الزلزولي. ولكن بمجرد خروج الأخير، عاد حكيمي لأدائه المعتاد في ممره نحو مساحة الجناح وقدم تمريرة حاسمة للكعبي، الذي لم ينجح في استغلالها.
على سبيل الختم
إن تنفيذ زياش لضربة الجزاء مرتين قد يُعتبر مخاطرة، وآخرون صنفوها أنانية، لكنها بنظري كانت دفعة معنوية لبقية اللاعبين للإجتهاد والتنافس لتسجيل الأهداف، وهذا ما أثبته إبراهيم دياز بتسجيله لهدفه الأول مع المنتخب المغربي، بعد هجمة صنعها زياش من وسط الميدان، ونشير إلى هذا الأمر، رغم تفصيله سابقا، من باب التذكير بأن زياش كان لا يحتكر الكرة وهو يصنع العمليات الهجومية.
بل يمكن القول أن دياز كان يحتكر الكرة كثيرا في مربع العمليات دون تمررها لزملائه، وكثيرا ما كانت تضيع عنه فرصة تحقيق الهدف بسبب “الأنانية” وإن كان الأمر مفهوما نسبيا بحكم أن هذا الشاب، كان يبحث عن توقيعه لهدفه الأول رفقة المنتخب المغربي منذ أن التحق به قبل أشهر.
في النهاية، لا يمكن إنكار أن حكيم زياش كان القائد الفعلي لهذه المباراة. لولاه لما استطاع الركراكي إخراج هذا “الفيلم” الكروي بنجاح وهو يحقق هدفه الأول أي الفوز (رغم كثير من التحفظ على مستوى المنتخب الوطني الذي بدا متواضعا في الشوط الأول وخاصة في الخطوط الدفاعية المتقدمة، مقارنة مع الخصم الغابوني الذي وصل أكثر من أصدقاء زياش إلى الشباك لولا براعة ونجاعة تدخلات الحارس بونو).
زياش يبقي هو رجل المباراة بلا منازع، وتظل علاقته المميزة بالمدرب مصدر تساؤل حول مدى تأثير هذا الاحتضان العاطفي على أداء الفريق ككل.
هل التركيز على زياش من طرف المدرب والجمهور ظاهرة صحية ويخدم تطور المنتخب المغربي وهو مقبل على تحديات قارية وعالمية؟.