التويجر
التويجر

محمد التويجر

لأني أعرف أنكم شخصية عمومية، تدبر قطاعا يثير فضول الملايين المتفاعلين إيجابا وسلبا مع الحصيلة المحققة على أرضية الميدان، حسب درجة استجابتها لانتظاراتها..

ولأنني كنت شاهدا على فترة مروركم المنتظم بالإذاعة الوطنية، وأنت تمهدون لتسلم المشعل من سابقكم الفاسي الفهري، وما أبنتم عنه من حماس ودراية أيضا بخبايا المستديرة.. 

وجدت نفسي مضطرا لمخاطبتكم، مباشرة بعد اليوم التواصلي الذي نظمتموه مطلع الأسبوع الماضي بالصخيرات، والذي استطعتم خلاله بفضل بذكائكم وإتقانكم تدبير الأزمات، أن تتحولوا من مرمى لتسديدات من يخالفونكم الرأي، إلى مراوغ يجيد فن تسجيل الأهداف… 

كيف لا، وقد حبستم أنفاس كل من حج إلى قصر المؤاتمرات، وهو يتابع وصاياكم وإنذاراتكم أيضا، وكذا المعالم الكبرى لخارطة الطريق التي قدمتموها على أساس أن فيها خلاص رياضة تثير الأموال التي تصرف عليها كثيرا من اللغط .

لا يختلف اثنان على أنكم رجل متفوق بامتياز في مجال الخطابة، عبر اختيار المصطلحات، وحركة اليدين وتغيير تقاسيم الوجه ( كلما دعت الضرورة إلى ذلك) ، وإيحاءات عينين زادتهما نظاراتكم المختارة هي الأخرى بعناية إثارة وفضولا.

لكم قوة إقناع رهيبة حتى وإن كانت بعض أفكاركم وخطواتكم مجانبة للصواب (جل من لا يخطيء) 

كلها عناصر تلزمني برفع القبعة لكم ، رغم أنني أخالفكم الرأي أحيانا في بعض ما أقدمتم عليه، وها أنتم تقومون بما يشبه النقد الذاتي لأهم جزئياته دون أن تعلنوا ذلك صراحة ….وهنا مربط الفرس ، كما يقال.

غني عن البيان ، السيد الرئيس، أن حصيلة أسود الأطلس التي راهنتم عليها كثيرا ووفرتم لها ظروفا مثلى في التحضير والإقامة في قاريات مصر، لعلها تدخل الفرحة إلى نفوس الملايين من المغاربة الذين يعيشون على ذكريات تتويجنا الفريد بإثيوبيا قبل 43  سنة، مستفزة بسبب حماقات سوء تدبير رونار للفترة القبلية من الإعداد ، وإبان التظاهرة ،  تاركا الجمل وما حمل، بعد الإخفاق مغيرا وجهته صوب بلد آخر لعله يجد ضرع بقرة حلوب كتلك التي وجدها بالمغرب، وعدم تقديره الأمور حق قدرها، معلنا صراحة أنه اتخذ قرار الاستقالة  في عز خوض النهائيات..

نعم، صرفت ميزانية ضخمة من أجل إسعادنا، لكن الله غالب، تمزقت أشرعة مركب منتخبنا قبل أربع محطات من بلوغ شط الأمان والاطمئنان، لتبقى فرحتنا معلقة .

ليس العيب في أن يكبو المرء، لكن العيب في أن تتواتر الكبوات دون استخلاص الدروس الممكنة.

كنت ذكيا في التزام الصمت واختيار نهج المتدبر إلى حين  هدوء العاصفة التي أدى وزير القطاع شيئا من ضريبتها، حين حلوله بالبرلمان. 

وكنت أكثر ذكاء بالصخيرات لما فضلت طي الملف  والحديث عن المستقبل، بعدما شذبتم جزء من أشجار الحديقة الخلفية للجامعة ( وفقتم في بعضها وأخطأتم في أخرى ، ومع ذلك لا حق لأحد في مجادلتكم بخصوصها لأنكم أنتم صاحب البيت وتعرفون أسراره أكثر من غيركم )..

رحل رونار دون أن نعرف كم كلف فك الارتباط ، وهنا أيضا أحيي فيكم شهامة المغربي الذي يسكنكم، لأنه رغم نشر استقالته عبر حسابه الافتراضي، لم تؤاخذوه على حماقته (وما أكثرها… تدبير المنتخب أحيانا من السنغال أحد تجلياتها)، واستقبلتموه بمناسبة اجتماع مكتبكم المديري الأخير لتشكروه على الفترة التي قضى بين ظهرانينا. 

الآن ….الرأي المغربي تواق لمعرفة خليفة رونار وأيضا المدير التقني الوطني الذي سيحل مكان ابن البلد ناصر لارغيت، الذي فطنتم متأخرين، بعدما قضى أزيد من أربع سنوات بأنه لم يكن مهيئا لشغل المنصب .

لا يهم ، فالاعتراف بالخطأ فضيلة، وجل من لا يخطيء ….والآن واللجنة التي عينتموها لاختيار الخليفتين ( رغم التحفظ على بعض الأسماء المشكلة منها )، التقطت من خطابكم الشهير الأخير بالصخيرات، ما جعلني أفكر في تقديم بعض المقترحات – إذا سمحتم طبعا بذلك –  لعلها تساعدكم في تنزيل خريطة الطريق التي وعدتمونا بها :

1 –   ما دام أن المنتخب في فترة إعادة البناء، نظرا لبلوغ الكثير من عناصره مرحلة متقدمة من السن ، وبحكم أن القرعة  أوقعتنا في مجموعة تيسر بلوغنا نهائيات قاريات الكامرون القادمة بدون عناء ، لماذا لا تضعون ثقتكم في  مدرب مغربي، عارف بعقلية لاعبين يقاسمونه الانتماء إلى الوطن والإحساس المتولد عنه ( هناك الكثيرون من الذي تركوا بصمتهم في المنافسات القارية) ؟

البعض يروج لاسم الفرنسي لوران بلان ، لكن أي إنجازات حققها المعني بالأمر في مساره التدريبي ؟ وهل يمتلك ما يكفي من معلومات بخصوص أجواء التنافس القاري ؟

إني أنأى بنفسي أن أقترح عليكم فلان أو علان ، احتراما لمبدإ التخصص ، وثانيا لأنني أبقى في  بداية الأمر ونهايته صحافيا، غير مجيد لتكتيكات السماسرة الذين يبيعون القرد ويضحكون على من اشتراه 

لكن أنطلق في مقترحي من كون وضع ثقتكم في ابن الدار ( بلماضي وسيسي درس ملهم ) سيمكنكم من ربح نقط عدة اتجاه جمهور المحبين ، وسيخفف من وطأة الانتقادات المتمخضة عن استفزازية الملايين الضخمة التي كان يلهفها رونار وقبله غيريتس شهريا ، دون اشتغال ( اللهم فترة الإعداد للتصفيات القارية أو الاستحقاقات الرسمية )

ولأن الشيء بالشيء يذكر – السيد الرئيس – ( وأنتم مهندس الميزانية العامة للدولة )  إن الأرقام الفلكية التي نسمع عنها تستفز الكثيرين ـ خصوصا أولئك الذين يعيشون تحت عتبة الفقر ، أو من يحصلون بالكاد على الحد الأدنى بالأجور .

2 – البطولة الاحترافية محتاجة إلى نفس جديد، في ظل أن العصبة المدبرة لشؤونها باتت تشبه الجسد المشلول، فبدل أن تكون قوة اقتراحية، نجدها وقد تحولت إلى كومبارس يكتفي بدور المتفرج، تاركا إياكم لوحدكم في ” المعمعة ” ، مرددا منطوق الآية الكريمة ” اذهب أنت وربك فقاتلا ، إنا ها هنا قاعدون ” صدق اله العظيم 

ثم ألا ترون أن وضعية رئيسها مجسدة بجلاء لحالة التنافي التي تجعله يفكر لاشعوريا في  أفضل السبل لتغليب مصلحة ناديه على حساب باقي الأندية؟

لقد حان الوقت لفرض إلزامية أن يكون ربان العصبة الاحترافية مستقلا ، متفرغا ، شغله الشاغل إيجاد أفضل السبل لرفع الإنتاجية ببطولة تكون مفرخة للنجوم التي تجر وراءها الآلاف من العشاق، كما كان الأمر في ثمانينيات القرن الماضي

3 –  نعم للتكوين والتكوين المستمر ، وإفساح المجال أمام الطاقات الشابة المتسلحة بمعرفة التدريب وخباياه ، لأن واقع المدرب المغربي يعاني هو الآخر من إشكالية الهرم المقلوب ( شيخوخة وتقادم مهول في معلومات مجال يتطور بسرعة مذهلة) ، ولا ضير أن تصل نفحة التغيير إلى ودادية المدربين نفسها ( أحييكم بالمناسبة على تدخلكم شخصيا لرفع الحصار على ممثلي الرابطة الوطنية ومنعهم من ولوج قصر المؤتمرات ) …نعم للتعددية ، فالمغرب يتسع لجميع أبنائه ، وأكيد أن البقاء للأصلح.

4 – سرعتم وثيرة تنزيل متغير الشركات الرياضية ، رغم أن الكثيرين من ” مسامر الميدة ” متوجسون يخافون على ضياع مصالحهم ، وآمل ألا يثنيكم أي شيء على أن تبلغوا بالمشروع مداه، شريطة عدم التسرع، وتدقيق التمحيص في المنطلقات لتكون النتيجة مفيدة 

5 – بالمقابل ، حبذا لو تريثتم في اعتماد تقنية الفار ، لأن غالبية ملاعبنا لا توفر الفضاء الأمثل لتقنية ستستنزف هي الأخرى مبالغ خيالية

6 – كرة القدم النسوية محتاجة منكم إلى التفاتة ، لأن بنات حواء المنتسبات لبيتكم – السيد الرئيس – يحسسن بنوع من الغبن ، وهن يلمسن البون الشاسع بين بطولة مغربية افتراضية ( خضرا فوق طعام ) وبطولات أجنبية بلغت شأوا كبيرا

7 – ادعوكم إلى مزيد انفتاح على الإعلام المغربي الجاد، بمختلف أطيافه ، والمساهمة أيضا في سد الطريق على طبول ودفوف التمييع التي تسيء إليكم أكثر مما تخدمكم ، وأعتقد أن وجود محمد مقروف ابن الإذاعة الوطنية والصحفي ” اللامع ” بتلفزيون أبو ظبي ، والدولي المميز في منتخب كرة اليد ، قد يفيدكم في إنجاح هذا الورش 

هذا غيض من فيض ، وآمل أن يكون مروري خفيفا ، راجيا أن تجدوا في رسالتي هذه ما يعينكم على تحسس طريقكم من أجل الارتقاء برياضة تجمع حولها الملايين من المغاربة ، وكي تكون جامعتكم جامعة مواطنة ،قولا وفعلا 

وتقبلوا في الختام السيد الرئيس ، فائق عبارات تقديري واحترامي

محمد التويجر – صحافي رياضي إذاعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *