في ذلك اليوم من رمضان، سمعت قصة جد مؤثرة لشاب فنان ابن البلد، مزداد بإيطاليا، غربي نمط الحياة، يشتغل معي في مشروع فني.

البارحة كانت لدينا تداريب فنية مبرمجة من السابعة إلى الثامنة مساءا، لم أحضرها بسبب رخصة كنت طلبتها قبل أيام من دخول رمضان؛ لغرض مهني موازي..

اليوم  وحيث قضيت التدريب رفقة ولد لبلاد، كنت سعيدا أن نتقاسم معا ما تيسر لوجبة لإفطار (ماء وتمر)، قبل عشر دقائق من انطلاقالعمل..

لكن قبل أن يحين موعد غروب الشمس سألته: كيف قضى التدريب البارحة تزامنتا مع توقيت آذان المغرب بدقائق، في أول يوم من رمضان.

كنت أطمع في الإستفادة مما أسسه من عرف مع باقي الزملاء في العمل الفني..

جواب صديقي كان بسيطا: لقد تناولت الإفطار بعد الثامنة.. (قاطعته) ولماذا؟ وأضفت مسترسلا: الآذان يعلن في السادسة و46دقيقة فياليوم الأول.. لماذا لم تستفد على الأقل من شرب الماء.

أجابني: كيف؟

كررت من جديد: آذان المغرب تم الإعلان عنه قبل التدريب الفني، بربع ساعة تقريبا. فلماذا حرمت نفسك من الماء؟

رد صديقي: لم أفهم! الآذان بعد الثامنة يا مجيد!؟

بعد حين فتحت جدول الآذان وقلت له أنظر التوقيت..

أجابني المسكين بعفوية ويقين: توقيت العشاء بعد الثامنة.

فقلت له: كيف؟ العشاء مع الثامنة؟ وما دخله مع توقيت الإفطار..

قال بنبرة المتين مرة أخرى.. توقيت الإفطار الذي هو موعد آذان العشاء  كان بعد انتهاء التدريب.. حينها أيقنت أن شيئا على غير ما يرام..

حدثته قائلا: أتعلم يا صدقي أن توقيت الإفطار هو آذان المغرب وليس العشاء..

أتعلم ياصديقي أنك ربما أحسن بكثير ممن قد يظهرون متدينين؟

أما أنت فإن شاء الله لك أجر كبير لأنك (دون لغة عربية) وتحاول أن تنهج عبادة دون توفرك على فرصة  التعلم والمعرفة الدينية السليمة (منالسلام/ الصحيحة الحقة).

ابتسم صديقي.. دون تعليق..

***.   ****.    ****.  ***     ***. ****    ****   ****

* إشارة هامة: الشباب هنا في أوروبا من أبناء المهاجرين ذي طباع غربية في جزء كبير منهممحترمون منفتحون على الحياة المحلية؛إنهم مواطنون بذهنية تفكير غربية/حداثية.

لكن، رغم ذلك فإنهم يبحثون وينبشون في أصول المعتقدات، السلوكيات والعادات الدينية لوالديهم المهاجرين (من المسلمين)، وثقافةأجدادهم.

إنهم شباب  بهوية ثقافية مزدوجة بل وغنية.. لكنها في الحاجة للتاطير الديني السليم والذي يحقق السلام الروحي للفرد والمجتمع.

تدوينة وصورة: عبد المجيد فراجي

إيطاليا في 24 مارس 2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *