جمال اسطيفي -المساء

قبل انطلاق منافسات كأس إفريقيا للأمم بحلتها الجديدة، أي بـ24 منتخبا، تساءل كثيرون بأي مستوى ستكون هذه الكأس؟ وهل ستكون هناك فوارق كبيرة بين المنتخبات، بما يمكن أن يؤثر سلبيا على مستوى البطولة، أم أن تجربة 24 منتخبا ستكون واعدة؟

في الواقع، وبالنظر إلى ما أفرزته مباريات الجولة الأولى، فإن إجراء كأس إفريقيا بـ24 منتخبا، على غرار ما أصبح معمولا به في أوربا وآسيا، قد يكون أمرا جيدا وقد ينعكس إيجابا على كرة القدم الإفريقية، فالمؤشرات الأولى طيبة.

باستثناء الفوز الكاسح لمالي على موريطانيا بأربعة أهداف لواحد، فقد تابعنا في مباريات الجولة الأولى كيف أن منتخبا كمدغشقر، الذي يشارك لأول مرة في تاريخه في هذه الكأس، قد “أحرج” غينيا وانتزع أمامها تعادلا مثيرا بهدفين لمثلهما. كما تابعنا منتخب بوروندي في أول ظهور له وهو يخسر بهدف من تسلل أمام نيجيريا في مباراة كان بمقدوره أن يحصل فيها على التعادل.. وتابعنا منتخب أوغندا، الذي عاد إلى دائرة المشاركة الإفريقية قبل سنتين فقط، وهو يؤكد خطه التصاعدي ويتفوق في مباراته الأولى على الكونغو الديمقراطية بهدفين لصفر، وتابعنا أيضا منتخب بنين وهو يحصل على تعادل مستحَق أمام غانا بهدفين لمثلهما.

ثم رأينا كيف “عذب”منتخب زيمبابوي نظيره المصري في الافتتاح وخسر أمامها بصعوبة بالغة بهدف لصفر، في وقت احتاج المغرب إلى “نيران صديقة” ليتفوق على ناميبيا..

صحيح أن المستوى الذي ظهرت به المنتخبات ليس ممتعا، وقد يرى البعض أن فيه نوعا من الرتابة، لكنْ في هذا المستوى، المطلوب من المنتخبات ليس الأداء الممتع، وإنما الأداء التكتيكي والجماعي الذي يقود إلى تحقيق نتائج إيجابية وتحقيق الأهداف المرسومة.

لا يجب أن ننسى أن منتخبات محترمة مثل بوركينافاصو وزامبيا وليبيا لم تتأهل إلى “الكان” رغم زيادة عدد المنتخبات إلى 24، وهو مؤشر على أن حجم المنافسة كان كبيرا في التصفيات. وفي هذا الصدد لا بد من الإشارة إلى تحسّن الأداء التكتيكي لكل المنتخبات الإفريقية، بما فيها تلك التي تشارك لأول مرة، أو التي تشارك بكيفية متقطعة في “الكان”.

من بين الأسباب المباشرة لذلك، أن معظم الاتحادات القارية أصبحت تبذل مجهودات من أجل أن يكون لديها حضور في “الكان”، ففرحة شعوب بعض المنتخبات الصغيرة بالمشاركة في كأس إفريقيا قد لا تعادلها أي فرحة، ناهيك عما يتركه ذلك من أثر إيجابي عليهم.. كما أن معظم المنتخبات تتشكل من لاعبين يمارسون في أوربا. وحتى وإن اختلفت مستويات الأندية الأوربية التي يلعبون لها، فإن ثقافتهم التكتيكية تنعكس إيجابا على الأداء الجماعي، وقد تابعنا في التصفيات منتخب جزر القمر وهو “يُحرج” المغرب في الدار البيضاء، إذ خسر بصعوبة بهدف لصفر في اللحظات الأخيرة، وتعادل إيابا بهدفين لمثلهما، والأمر نفسه ينطبق على منتخب مالاوي، وهو ما تابعناه أيضا في نهائيات مصر.

هذا الحضور الإيجابي وهذا الصمود للمنتخبات الصغيرة لن يؤثر على هوية البطل الذي سيتوج باللقب، إذ من المستبعد جدا ألا يكون بطل “الكان” واحدا من المنتخبات التي سبق لها أن توجت به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *