جرى أمس الاثنين، بالقنيطرة، تدشين جدارية تخلد الذكرى الثمانين لعملية “الشعلة”، بمبادرة مشتركة من سفارتي بولونيا والولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب.

ويأتي هذا المشروع، الذي تم إنجازه بفضل دعم من ولاية الرباط – سلا – القنيطرة والسلطات المحلية لمدينة القنيطرة، إحياء لذكرى إنزال، في 8 نونبر 1948، أزيد من 30 ألف جندي أمريكي من فرقة قوة المهام البحرية الغربية في آسفي والمحمدية وبالقرب من القنيطرة.

وقد اعتمد نجاح العملية، التي كانت تعتبر حينئذ أكبر عملية إنزال عسكري برمائي، بالأساس بفضل شبكة مخابرات تزعمها العسكري البولوني سلوفيكوفسكي، الذي مد البريطانيين والأمريكيين بأزيد من 1200 تقرير سري حول المغرب والجزائر، اللذان كانا آنذاك تحت سيطرة حكومة فيشي الفرنسية.

وبهذه المناسبة، أبرز السفير البولوني بالمغرب، كريستوف كاروفوفسكي، أن “هذه الجدارية تعد تكريما لأبطال الحرب العالمية الثانية المعروفين وغير المعروفين، الذين ندين لهم بحريتنا“.

وقال، في تصريح للصحافة، “إنني فخور بصفة خاصة بتكريم بطل بولونيا الكبير، الماجور (ريغور) سلوفيكوفسكي، الذي يتم الكشف تدريجيا عن دوره في نجاح عملية الشعلة من قبل مؤرخين أمريكيين وبريطانيين وبولونيين“.

من جتهه، أعرب سفير الولايات المتحدة بالمغرب، بونييت تالوار، في تصريح مماثل، عن امتنانه العميق لجنود وبحارة وطياري قوات التحالف الذين لعبوا دورا هاما في تأمين أسس السلم والأمن في المنطقة.

وجدد الدبلوماسي الأمريكي، بهذه المناسبة، التأكيد على أن ” التزام بلاده بالعمل مع حلفائها المقربين ، وخاصة المغرب وبولونيا، من أجل ضمان هذا السلم، أقوى من أي وقت مضى”.

من جانبه، أبرز الكولونيل عبد الواحد الكنوني، من مديرية التاريخ العسكري للقوات المسلحة الملكية، إن مشاركة القوات المسلحة الملكية في هذا الحدث تأتي تنفيذا للتعليمات السامية للملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، وتخليدا للذكرى الـ80 لعملية ” الشعلة”.

وقال إن هذه العملية كانت مناسبة سانحة بالنسبة للمغرب لتأكيد مكانته ودوره إلى جانب الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، للدفاع عن قيم السلام والاستقرار والكرامة عبر العالم.

وتابع أنه بعد شهرين فقط من هذه العملية، التي مكنت الحلفاء من استعادة زمام المبادرة بمختلف مسارح العمليات، سيقوم قادة الحلفاء، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفليت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل ، باتخاذ قرارات استراتيجية غيرت مسار الحرب ، وذلك خلال مؤتمر آنفا الذي انعقد بمدينة الدارالبيضاء خلال يناير 1943 بحضور جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، الذي اغتنم هذه المناسبة لإبلاغ القوى العظمى بمطالب المغرب الشرعية من أجل نيل الاستقلال.

ولفت إلى أن هذه الجدارية تذكر أيضا بالدور الذي قامت به أذرع أجهزة الاستخبارات العسكرية البولونية التي تمركزت بشمال إفريقيا ابتداء من سنة 1941 بقيادة الكومندان سلوفيكوسكي الذي كان يعرف باسم “ريكو”، حيث أن المعلومات التي تمكن هذا الجهاز من جمعها ووضعها رهن إشارة القادة الأمريكيين ، ساهمت في الإعداد الجيد لعملية ” الشعلة “.

وأقيم حفل تدشين هذه الجدارية، التي يبلغ طولها أزيد من 35 مترا وتغطي مساحة مجموعها أكثر من 500 متر مربع، بحضور المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، وعامل إقليم القنيطرة فؤاد المحمدي، ورئيس بلدية القنيطرة أنس بوعناني، وبمشاركة ممثلين عن القوات المسلحة الملكية، فضلا عن الملحقين العسكريين بالسفارات الأمريكية والبريطانية والبولونية.

وتتواجد هذه الجدارية بمركز القنيطرة، أمام مبنى الجماعة، وهي تبرز خريطة مواقع الإنزال الرئيسية “لعملية الشعلة” في شمال إفريقيا، والماجور سلوفيكوفسكي، رئيس المخابرات البولونية في شمال إفريقيا، بالإضافة إلى الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، وجلالة المغفور له الملك محمد الخامس في مؤتمر أنفا يوم 22 يناير 1943.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *