في مثل هذا اليوم الثالث عشر من شهر نونبر من عام 2020، ستتمكن أفراد من القوات المسلحة الملكية داخل ساعة زمن واحدة من صباح ذلك اليوم المشرق في صفحات إنتصارات جشينا الملكي العظيم، من تنظيف معبر الكركرات من مليشيات البوليساريو.

لقد تصدى الجيش المغربي وقتها، بمهنية عالية وتحت توثيق كاميرات بعثة المينورسو، لمناوشات ميليشيات مسلحة من البوليساريو ( بويزات)، جرت على مستوى منطقة المحبس، حيث سجل فرار مسلحي الجبهة، جراء تلقي العدو هزيمة نكراء حاول إعلام الحرب بوكالة أنباء الجزائر وأبواق الجبهة التغطية عليها، بترويج الأكاذيب والأخبار الملفقة.

سد منفذ التسلل

لقد إنتشرت أفراد من الهندسة المدنية التابعة للقوات المسلحة الملكية على طول حوالى عشر كيلومترات “لسد منفذ” في الجدار الدفاعي، كان يتسلل منه خلال ثلاثة أسابيع ، مجندون إنفصاليون في “ملحفة” نشطاء مدنيون، لمنع تنقل المسافرين ونهب البضائع، على مستوى معبر الكركرات، بأسلوب قطاع الطرق.

 وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة لوكالة فرانس أن العملية العسكرية لطرد ميليشيات البوليساريو من الكركرات “لا يتعلق الأمر بعملية هجومية إنما هو تحرك حازم إزاء هذه الأعمال غير المقبولة”، مؤكدا أن أفراد المينورسو الموجودين في الميدان “سجلوا عدم حدوث أي إحتكاك مع المدنيين”.

وأفاد مسؤول في وزارة الخارجية المغربية لوكالة فرانس برس أن أفرادا من الهندسة المدنية التابعة للقوات المسلحة الملكية انتشروا صباح الجمعة 13 فبراير 2020 على طول حوالى عشر كيلومترات “لسد ثغرة” في الجدار الدفاعي الذي يفصل طرفي النزاع، بهدف “منع أي دخول للمنطقة”.

وأضاف وقتها أن حوالي 70 فردا من “ميليشيات البوليساريو يهاجمون الشاحنات منذ حوالى ثلاثة أسابيع ويمنعونها من التحرك ويقومون بنهبهم”.

وأشار إلى أن المغرب “التزم بأكبر قدر من ضبط النفس، لكن دعوات المينورسو والأمين العام للأمم المتحدة (…) لم تأت أكلها”، مؤكدا أن الأمم المتحدة و موريتانيا و”دولا أخرى معنية بالملف” أبلغت بالعملية قبل إطلاقها.

الأسد الإفريقي 21”. الجنرال دوكور دارمي الفاروق بلخير يستقبل الجنرال الأمريكي أندرو روهلينغ

الجيش يقيم حزام أمني

وذكر بلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، يوم الجمعة 13 نونبر2020، أن القوات المسلحة الملكية أقامت، ليلة الخميس- الجمعة، حزاما أمنيا من أجل تأمين تدفق السلع والأفراد عبر المنطقة العازلة للكركرات، التي تربط المغرب بموريتانيا.

وأوضح المصدر ذاته أنه “على إثر قيام نحو ستين شخصا مؤطرين من قبل ميليشيات مسلحة “للبوليساريو” بعرقلة المحور الطرقي العابر للمنطقة العازلة للكركرات التي تربط بين المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية، ومنع الحق في المرور، أقامت القوات المسلحة الملكية حزاما أمنيا بهدف تأمين تدفق السلع والأفراد عبر هذا المحور”.

وخلص البلاغ إلى أن هذه العملية التي “ليست لها نوايا عدوانية تتم وفق قواعد التزام واضحة، تقوم على تجنب أي احتكاك مع أشخاص مدنيين وعدم اللجوء إلى استعمال السلاح إلا في حالة الدفاع الشرعي”.

حقائق صادمة تلك التي وقف عليها المراسلون الصحفيون الذين أمنوا تغطية التطورات الأخيرة في المنطقة العازلة من الكركرات، بعد التدخل الحازم للقوات المسلحة الملكية،  وهم يقلبون مخلفات الخيام التي أحرقها عناصر ميليشيات “البوليساريو”، قبل أن يطلقوا أقدامهم للريح فرارا في عرض الصحراء.

شيشة ومنشطات جنسية

وبالفعل، فإن العديد من الأشياء والأدوات التي تم العثور عليها في عين المكان تثير أسئلة مشروعة حول طبيعة بعثة الانفصاليين ونواياهم السيئة.

فقد خلف “قطاع الطرق بالمعنى الحقيقي للكلمة”، بتعبير وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، وراءهم مصبرات سمك وعلب حليب وتمر وأكياس عدس وقوارير مشروبات غازية وأدوية وأواني وعلب سجائر وأجهزة تلفزيون، إلى جانب فؤوس، وعصي حديدية، ولوحات ترقيم جزائرية، ونرجيلة، ومنشطات جنسية، ومنشورات دعائية وحقن وأمصال.

هذه المؤن والمعدات اللوجيستية تفضح مزاعم الطابع المدني والعفوي لهذا المخيم. ذلك أنه وحدها منظمة عسكرية هي التي بإمكانها نقل هذا الحجم الكبير من اللوجيستيك على بعد أكثر من ألف كيلومتر، من مخيمات تندوف، وتثبيتها وسط الصحراء.

خرائط حقول ألغام

وقد كان من الطبيعي أن يكون مصدر معظم هذه المنتجات من الجزائر باعتبار أن الراعي الرئيسي لحرب الأشقاء ضد المغرب، ليس سوى هذا البلد الذي لا يجد غضاضة في التعبير عن حلم يراوده بتطويق المغرب، وعزله عن إفريقيا جنوب الصحراء.

منتوجات أخرى تم العثور عليها في الموقع نفسه مصنوعة بأوروبا، وتم إرسالها إلى مخيمات تندوف من قبل برنامج الغذاء العالمي، وهو ما يطرح مرة أخرى السؤال المشروع حول استخدام والوجهة النهائية للمساعدة الإنسانية الدولية.

وفي واقع الأمر، فإن المغرب، ومنذ البداية، حذر منظمة الأمم المتحدة والمنتظم الدولي من الطبيعة العسكرية لهذه البعثة الانتحارية ل”البوليساريو”، لأن الرجال والنساء الذين كانوا في عين المكان لم يقطعوا مئات الكيلومترات في عرض الصحراء بمحض إرادتهم، دون إشراف مليشيات الانفصاليين ودون مباركة الجزائر.

خرائط حقول الألغام، التي عثر عليها بدروها، وسط الخيام المحروقة، تكشف أيضا تورط الميليشيات في تنظيم هذا التسلل إلى المنطقة العازلة، في تحد سافر للقانون الدولي وانتهاك صارخ لاتفاق وقف إطلاق النار.

”مخيم أكديم إزيك2”

هذه المعدات الوجيستية التي تمت تعبئتها تثبت أن الستين شخصا الذين احتلوا المكان في البداية كانوا يبيتون النية للبقاء لأطول فترة ممكنة، على أن تنضم إليهم لاحقا مجموعات أخرى، وذلك بهدف إقامة مخيم كبير ك”مخيم أكديم إزيك” سيء الذكر بالقرب من العيون.

والأمر يتعلق هنا، بكل اختصار، بدروع بشرية أراد الانفصاليون توظيفها في هذه الحملة الجديدة التي تستهدف المغرب، دون أن يضعوا في حسبانهم رد الفعل السريع للمملكة التي قضت في المهد على هذا المشروع الخبيث ضد أمنها وحدتها الترابية .

فبعد أن أعطت فرصة للدبلوماسية وتحلت بالكثير من ضبط النفس، قررت المملكة إزاحة قطاع الطرق الذين بثوا الرعب في المنطقة العازلة بعدما تهجموا على الشاحنات واعتدوا على سائقيها واستفزوا عناصر بعثة الأمم المتحدة “المينورسو”.

وهكذا، فقد كان يوم 13 نونبر 2020 حاسما في هذه المعركة ضد ثنائي الجزائر و”البوليساريو”. ذلك أن المغرب أعاد الوضع إلى طبيعته، وسوى المشكل بصفة نهائية، كما أعاد انسيابية الأشخاص والبضائع في هذه المنطقة الواقعة على الحدود بين المملكة والجمهورية الإسلامية الموريتانية .

إلتزام مملكة وحزم ملك

وهو ما أكده الملك محمد السادس، خلال اتصاله الهاتفي حينئذ مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش.

ويظل المغرب، القوي بالدعم العربي والإفريقي والدولي، والمتشبث وقف إطلاق النار، عازما تمام العزم على الرد بأكبر قدر من الصرامة، وفي إطار حق الدفاع المشروع، على أي تهديد يستهدف أمنه وطمأنينة مواطنيه.   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *