غالبا ما تقترن الخرجات الإعلامية لعبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بالفضائح أو بمهاجمة قيادات حزبية أو سياسية في إطار الرد على ما يقال فيه شخصيا أو في حزبه.

وتشاء “الأقدار” أن  العديد من خرجات ابن كيران خُصصت، إن لم يكن للتهجم على عزيز أخنوش بشكل مباشر، فهي للرد على رئيس الحكومة في قضايا وأمور مختلفة.

وتشاء “الأقدار” أيضا، أن الخرجة الأخيرة لابن كيران عبر “فايسبوك”، لم تشذ عن القاعدة. وهي التي خصصها حصريا لأعضاء العدالة والتنمية ومن سماهم “المنصفين” من الخصوم الذين انتقدوه بشأن “فضيحة ” الجامع المعتصم.

فرغم أن الخرجة الأخيرة لم تخصص للرد على أخنوش بشكل مباشر، إلا أن بن كيران حاول إقحام رئيس الحكومة في هذه القضية التي تفجرت بالصدفة، بعد حضور المعتصم لاجتماع رئيس الحكومة مع قيادات أحزاب المعارضة ،  لكنه لم ينجح في هذه المراوغة. فالأمر يتعلق، أولا وأخيرا، وفي كل الأحوال، بالقيادي في حزب العدالة والتنمية، الجامع المعتصم، الذي اكتشف الرأي العام الوطني أنه ما يزال يشتغل  في رئاسة الحكومة  مكلفا بمهمة، ويتلقى تعويضا سمينا بهذه الصفته

الفيديو الأخير الذي بثه ابن كيران، والذي استثنى فيه من سماهم “المرتزقة المغرضون”،  كان هدفه الوحيد محاولة إخماد نار الغضب والاستياء في صفوف بعض القياديين وأعضاء في حزب العدالة والتنمية الذين لم يستسيغوا بقاء الجامع للمناصب والامتيازات، في ديوان رئيس الحكومة رغم تغيير اللون السياسي للحكومة.

فحتى لو افترضنا أن عزيز أخنوش كما يقول ابن كيران هو الذي طلب بقاءه في منصبه بالنظر إلى  “كفاءة الرجل ونزاهته” كما يدعي بن كيران، إلا أنه من منطلق أخلاقي وسياسي كان عليه أن يرفض العرض، نقطة إلى السطر.

فالمسألة ليست مسألة عاطفة، بل مسألة مبدأ.

لم ينجح ابن كيران في أقناع أحد بمبرراته حول فضيحة جامع المعتصم.

رغم لفه ودورانه ودخوله وخروجه في الكلام، لم يُقنع مناضليه الذين قال إنهم  “انساقوا وراء المغرضين“.

برأي بن كيران فإن مسؤولية ذراعه الأيمن ونائبه الأول جامع المعتصم، في هذه القضية محدودة.  ولتبرير وضعيته، ذهب ابن كيران إلى حد التأكيد أنه لا يمثل حزبا معارضا. “فلا نعارض لا الدولة ولا الحكومة وإنما نعارض الفساد”. لا يا بن كيران، في السياسة هناك أغلبية ومعارضة.

رسميا أنت في المعارضة ولا مجال للتهرب.

ابن كيران انتقد بشدة ما وصفها بـ”القربلة”، التي اندلعت بعد انتشار خبر شغل جامع المعتصم منصب مكلف بمهمة داخل رئاسة الحكومة.

 وقال مخاطبا أعضاء حزبه “المعتصم لم يختبئ ورائي. كان قمة في الاستقامة والكفاءة.

إن الاستقامة والنزاهة السياسية لا تبرر السقوط في المتناقضات والمفارقات.

وفي محاولة للتقليل من قيمة التعويضات اليت يتوصل بها  المعتصم،  قال بن كيران “إن المعتصم له الحق في جزء كبير من أجرته التي يستحقها، كموظف، ويتبقى جزء بسيط يتقاضاه كمكلف بمهمة“.

وانتقد الزوبعة التي اندلعت في صفوف حزبه “في الوقت الذي يوجد فيه نهب المال العام في مختلف المستويات، نايضين لجامع المعتصم ولعبد الإله ابن كيران“.

وقال مخاطبا أعضاء الحزب “وا إخوان العدالة والتنمية ديروا عقلكم ومتكونوش خفاف، 

 في أبعادها العميقة، فإن واقعة معتصم لا يمكن التقليل منها.

فهي تنضاف إلى سلسلة من الفضائح التي سقط فيه العدالة والتنمية الذي راكم فضائح أخلاقية طيلة عقد من الزمن وفشل في تدبير الشأن الحكومي

لذلك، فإن ما وقع  ليس سوى حلقة متواصلة ستُنهك  ما تبقى من الرصيد “الاخلاقي” للحزب..

بل هو مؤشر على الصعوبات التي تنتظر ابن كيران في  المهمة التي استقدم من أجلها، وهي إعادة وضع الحزب على السكة بعد نكسة 8 شتنبر 2021.

ذلك ما تؤكده استقالة جامع المعتصم من الامانة العامة لحزب العدالة والتنمية، دون الاستقالة من ديوان رئيس الحكومة، ما وضع من جديد وجه ابن كيران في طين ورطة جامع المصالح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *