بعثت الحكومة، من خلال توقيف عامل عمالة الصخيرات ـ تمارة وستة رجال سلطة، بالإضافة إلى إطارين إداريين بالعمالة نفسه، أولى إشارات الحزم في التنزيل الفعلي لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، والتصدي للفساد في مفهومه الواسع.

جاء قرار التوقيف في الوقت المناسب، أي بعد أيام فقط من اعتماد مجلس النواب قانونا جديدا للاستثمار يروم ضخ دينامية جديد في مجال استقطاب المشاريع الاستثمارية، بما يُعزز مسار التنمية الاقتصادية للمغرب.

وتكمن أهمية توقيف عامل عمالة الصخيرات ـ تمارة، في أن السلطة الحكومية مُمثلة بوزارة الداخلية أرسلت رسالة واضحة مفادها لا أحد يعلو فوق سلطة القانون، وأنه لم يعد هناك مكان في القاموس الحكومي للإفلات من العقاب.

تكمن أهمية  قرار التوقيف ، في أنه يُعطي المصداقية  لمبدأ محاربة الفساد والضرب على أيدي المتورطين في الخروقات، وهو شعار ترفعه الحكومة،  وتعمل به، بعيدا عن  المزايدات السياسية والانتخابية.

وأمس الأربعاء، قال نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، إن المدخل لتحفيز الاستثمارات، يتجلى أساسا، في محاربة كل أشكال الفساد، وإعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وأضاف، في مداخلته في إطار المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2023، أن استمرار التعقيدات الإدارية ومظاهر الفساد داخل الإدارات تُعتبر عوائق تحول دون تنمية الاستثمارات.

 وفيما أقر مضيان بوجود إرادة قوية لدى الحكومة في التصدي للفساد وتحفيز الاستثمارات وهو ما يتجلى في إخراج صندوق محمد السادس للاستثمار إلى حيز الوجود، جعا إلى مواصلة اعتماد الحزم والجرأة في التعامل مع مظاهر الفساد.

 وكان عدد من النواب البرلمانيين، أعضاء لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، أكدوا خلال مناقشة ميثاق الاستثمار، على مستوى اللجنة،  أن التصدي للفساد يُعتبر مدخلا  لضمان استقطاب الاستثمارات، وأنه ما لم يتم الحد من  هذه الظاهرة، فإن جهود الحكومة في مجال تحفيز الاستثمارات  قد تذهب سدى ولن تحقق الأهداف المرجوة.

 قطع المغرب أشواطا متقدمة في مسار تعزيز الاستثمارات، خاصة الاستثمارات الأجنبية،  عبر  تعزيز الفصل بين السلط واستقلالية القضاء، والحد من انتشار الرشوة التي تنخر المعاملات

لكن رغم ذلك، ما يزال هناك من يعاكس التيار، ويورط نفسه في مخالفات قانونية، ويعتمد سلوكات غير أخلاقيا ومنافية للقانون، في قبول ملفات الاستثمار، وهنا ما يزال الكثير من العمل ينتظر الحكومة.

  فالتجسيد الفعلي لآليات مكافحة الفساد يلعب دورا حاسما في ضمان ثقة المستثمرين ورفع مستويات الاستثمار الأجنبي المباشر.

  إن ضمان جلب الاستثمارات يستدعي جملة من التدابير لخلق بيئة عمل نظيفة لا مكان فيها للفساد تُرسخ ثقة المستثمر وتجعله في مأمن من أية مخاطر دق تلف مشاريعه الاستثمارية.

اتخذت الحكومة تدابير مهمة في مجال تحفيز الاستثمار وتحسين جاذبيته، وهمت الإصلاحات الجانب الاقتصادي، حيث كان لها تأثير إيجابي في تعزيز انفتاح وتنافسية الاقتصاد الوطني في السوق الدولية.

إن ميثاق الاستثمار الذي اعتمدته حكومة أخنوش يتوج  سلسلة من الإصلاحات التي تبناها المغرب في أوقات سابقة.

مثل إحداث مجلس الـمنافسة، وإحداث لجنة وزارية لدى رئيس الحكومة مكلفة بمشاريع الاستثمار وتحويل صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى أداة قوية لدعم الاستثمار، وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، إلى جانب جهود القضاء على التعقيدات الإدارية.. 

الجهود التي يبذلها المغرب  تستهدف توفير المناخ الملائم  للاستثمار الوطني والأجنبي وترسيخ دعائم الأمن القانوني في مجال المال والأعمال، باعتبار ذلك من أبرز الرهانات والتحديات الاستراتيجية المرتبطة بالتنمية.. 

ويبقى التصدي للفساد أحد أبرز التحديات التي  ما تزال تواجه الحكومة, والتي ينبغي أن تنخرط فيها  الحكومة بقوة لتحقيق الغايات المنشودة على مستوى استقطاب الاستثمارات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *