هيمنت على تفكيري هذا الأسبوع فكرة الصحافيين الحفاة (walking  journalist) أو “الصحافي المشاء“.

استوحيت هذه الفكرة من تجربة صينية طبقها ماوتسي تونغ عندما أطلق “الثورة الثقافية”، وكانت من بين تلك الأفكار فكرة “الأطباء الحفاة” الذين يتجولون في القرى والمداشر لعلاج الشرائح المعوزة.

قبل أن استرسل، أقول كلمة عن “ماوتسي تونغ“.

كان “ماو” قائداً فذاً ميزته أنه يستطيع مخاطبة أعظم العقول ويستطيع مخاطبة أبسط العقول.

وفي الحالتين يظل على مستواه الرفيع.

ينقل إليك فلسفته بأي لغة، بلغة الحكماء أو بلغة الفلاحين. إن أحداً لا يستطيع أن يتخذ موقفاً وسطاً إزاء “المعلم ماو” كما يصفه الصينيون، إما أن تتعصب له وإما أن تتعصب ضده.

أعود إلى “الصحافيين الحفاة”، أي كما سبق وشرحت هي طريقة جديدة تهدف إلى توظيف الشبكات والمنصات الاجتماعية في الترويج لمادة ينجزها صحافي اعتماداً على مشاهداته.

وكما سبق أن قلت يصبح الصحافي هو المصدر الوحيد للمادة الصحافية معتمداً على قدراته لالتقاط بعض المشاهد في أمكنة يختارها، وبالحاسة الصحافية يدرك أن ما تخزتنه الذاكرة يمكن أن يجذب اهتمام كتلة واسعة من القراء.

بهذا المعنى ربما يعتقد البعض إن هذا الجنس الصحافي الذي أفكر في ترسيخه، قريب من جنس الاستطلاع.

أقول جازماً إنه ليس كذلك. يكون الإستطلاع حول مكان أو ظاهرة. بهذا التعريف يصبح الاستطلاع صوراً وصفية لأحد الأمكنة أو معالجة ظاهرة من جميع جوانبها.

لكن ما أتحدث عنه هي اعتماد الصحافي على قدراته في التقاط المشاهد، وكتابة انطباعات عنها، وهو ما يحتم عليه أن يتجول راجلاً.

اخترت لهذا الجنس الصحافي شعاراً يقول “نقطع المسافات لنكتب أجمل الكتابات“.

كنت قد كتبت مادة مستوحاة من هذا الجنس عن “رباط تحتفظ بأسرارها”، تلقيت الكثير من الملاحظات بشأن أمكنة يقول بعض القراء إنها كانت تستحق.

لكن عندما يتمشى الصحافي ليكتب مشاهداته، ليس بالضرورة أن يكتب عن جميع الأمكنة، بل ليكتب أهم ما علق بذاكرته.

خلال نهاية الأسبوع الذي مضى، كانت لي جولة سنجاب يتقافز، من الرباط إلى طنجة، ومن هناك إلى الدارالبيضاء ومنها إلى بني ملال.

تجولت كثيراً وشاهدت كثيراً، واختزنت الكثير من المشاهد. سأكتب عن ما شاهدت طبقاً لقواعد هذا الجنس الصحافي المبتكر.

أقول إن على الصحافي في بعض الأحيان أن يخبر آلاف المتلقين بما شاهد، بشرط أن يحرص على درجة عالية من المصداقية.

هنا مربط الفرس.

*****

إقبال القراء على مادة “رباط تحتفظ بأسرارها” كان استثنائياً

*طلحة جبريل كاتب /صحفي

طلحة جبريل يكتب. الرباط تحتفظ بأسرارها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *