تنشر جريدة “أكاديرإينو” بتعاون مع جريدة “le12.ma” طوال الشهر الفضيل، ربورتاجات وبورتريهات حول أشخاص وأمكنة من سوس العالمة، كان لها الأثر في أحداث ووقائع يذكرها الناس ويوثقها التاريخ.

 

  في حلقة اليوم يأخذكم هذا البروفايل في رحلة إكتشاف الحياة الأخرى لفاطمة البوعشراوي.. امرأة استثنائية من ذاكرة أكادير ما قبل زلزال 1960

*سامية أتزنيت

فاطمة البوعشراوي، واحدة من السيدات اللواتي طبعن التاريخ المعاصر للمغرب، رغم كونها من المغمورات. فهي رائدة الحركة الثقافية والكشفية في مدينة أكادير ما بعد الاستقلال، وتحولت بروحها المميزة، إلى امرأة “أيقونة” في ذاكرة مدينة ماقبل زلزال 1960 المدمر، كما يقول أبناء المنطقة.

 

بدايات المسيرة

يقول محمد الرايسي، وهو واحد من الأبناء الغيورين على عاصمة سوس، والباحثين المهتمين بذاكرة مدينة أكادير، إن فاطمة العويسي واحد من النساء المغربيات اللواتي قمن بأدوار مهمة في بناء مغرب مابعد الاستقلال.

“قد نكون ناكري الجميل اذا نسينا ما لحواء من دور اساسي في بناء مغرب ما بعد الاستقلال على امتداد تراب المملكة الشريفة بحواضرها ومداشرها ساهمت نون النسوة في مقاومة المستعمر وفي محاربة الأمية في صفوفهن و التحرر من قيود الخنوع السلبي والارتقاء إلى صفوة الفاعلات المساهمات في وضع اللبنات الأولى بخريطة بناء المغرب ما بعد 1956″، هكذا كتب محمد الرايسي قائلا، على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.

وليست مدينة اكادير بمنأى عما سبق ذكره، بل هي جزء لا يتجزأ من هذا الكل، الذي ضحى الآباء والأجداد بأموالهم ودمائهم من أجله، مغرب الغد، مغرب الكرامة والاستقلال.

“العويسي فاطمة مبارك ابيدار اوتغجيجت البوعشراوي”، واحدة من فتيات أكادير ما قبل زلزال 29 فبراير 1960.

 ولدت في أربعينيات القرن الماضي، عاشت وترعرت في حي “تالبرجت” في زنقة “الوركاوي” تحديدا. درست المرحلة الابتدائية في مدرسة السيدة “فابر سيمون”، التي صارت اليوم “مدرسة البنات”، بنفس الحي (تالبرجت).

 

ثورة وانتفاضة

يقول الباحث محمد الرايسي إن فاطمة ابنة مقاوم نهلت منه العلم وتشبعت بأفكاره. فناهضت الخنوع والخضوع، بروح ثورية، وأبدت إلا أن تنخرط

رائدة سباقة في “الكشفية الحسنية المغربية”، رفقة فتيات بنات مدينة أكادير منهن “زهرة ابراهيم الابراهيمي” و “مينة بريك عاصم” و “عائشة بيهي ابو الحسن” و “الرباطي فاطمة” وبنات “لابكوم” (فاطمة – عائشة – كلثوم – خديجة) وشابات آخريات.

هذا الحس التطوعي المبكر أحدث في نفس فاطمة العويسي ثورة وانتفاضة ضد الجهل والأمية، ورفض منع الفتيات من حقهن الطبيعي والمشروع في التمدرس.

 فكانت بحق، وبشهادة معاصريها أمثال “أعزا جافري”، رائدة المثقفات المساهمات في بناء الحركة الثقافية بمدينة أكادير.

وكانت فاطمة عضوا بارزا ونشيطا في النادي الثقافي، رائدة في المسرح، وحاضرة بقوة في كل التظاهرات الثقافية والمناسبات الوطنية بما فيها عيد العرش.

 

اللباس العصري

ويسترسل محمد الرايسي حديثه عن أيقونة أكادير بالقول إنها كانت بمعية فرقة “تالبرجت” بمثابة سفيرة للثقافة في المحافل التربوية بالمدينة، ونموذجا سباقا للفتيات المعاصرات، اللواتي نزعن عنهن الزي التقليدي.

 فاختارت فاطمة اللباس العصري، في إطار من الوقار والتحفظ في وسط حديث العهد بالاستقلال، متحفظ من رواسب وبقايا الاستعمار الفرنسي، خاصة فيما يتعلق بالهندام.

 تبعت فاطمة شغفها بالدراسة والعمل، وتتبعت المسار الثقافي لمدينة أكادير، مخلفة وراءها ذكريات طيبة من جرأة معقولة ومثابرة محمودة. وتعيش فاطمة العويسي اليوم بالعاصمة الرباط، في انتظار من يكرم اسمها وهي على قيد الحياة، وليس بعد أن تغادرها، خصوصا وأنها امرأة يستحق أن يطلق اسمها على أحد الفضاءات الثقافية بمدينتها الأم أكادير، يقول الباحث محمد الرايسي.

*مصادر أخرى

-سوشل ميديا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *