توفيق الناصري 

 

دقت مراكز تحاقن الدم في المغرب ناقوس الخطر، أمام التراجع اللافت لأكياس الدم، بسبب قلة التبرعات خلال الأسابيع الماضية، وبات نفاد مخزون الدم يهدد إجراء العديد من العمليات الجراحية.

ورجح فاعلون أن يتم تأجيل عدد من العمليات الجراحية والتدخلات الطبية المستعجلة، إن لم يتم إيجاد حل للنفاد المتكرر لمخزون الدم ومشتقاته وعلى رأسها “الأمينوكلوبين” الموصى به طبيا لعلاج مرضى نقص المناعة الأولي.

وفي هذا الصدد، أطلقت الحكومة حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، لحث المغاربة على التوجه بكثافة للتبرع بهذا السائل الحيوي، الذي أصبح نادرا بمراكز تحاقن الدم بشكل مقلق.

ضرورة التوعية

قال لحسن فلاق، رئيس جمعية الأمل لمرضى السرطان بمدينة المحمدية (غرب)، “إن الاحتياج إلى الدم بالمستشفيات المغربية، مسألة ملحة ويومية، وقد يكون هذا الاحتياج في حالة الاستعجال عند النساء الحوامل اللواتي تعرضن لنزيف الولادة، أو عند ضحايا الحوادث خصوصاً حوادث السير.

كما قد يكون الطلب على الدم في حالات الأمراض السرطانية الدموية أو غيرها، أو عند المرضى المقبلين على عمليات جراحية تكون فيها نسبة النزيف كثيرة.”

وأكد المتحدث الذي يعمل أيضا في مجال التبرع بالدم، أن الاحتياج اليومي بالمستشفيات المغربية يقارب 1000 كيس من الدم، لكن مجهودات المركز الوطني لتحاقن الدم لا تلبي هذا الطلب لعدة اعتبارات؛ منها أساسا الانخراط غير الكافي للمواطن المغربي في منظومة التبرع بالدم.

وتابع الدكتور فلاق حديثه لـ “سكاي نيوز عربية، قائلا : “منظمة الصحة العالمية تحُث على تبرع ما لا يقل عن 5 في المئة من المواطنين لكي يكون هناك مخزون كاف من الدم بمراكز تحاقن الدم خلال السنة، إلا أن 1 في المئة من المغاربة هم الذين يتبرعون بانتظام.”

وعزا ذلك إلى انتشار الشائعات التي تدّعي أن الدم يؤخذ مجانا من المتبرعين ويتم المتاجرة فيه بمراكز تحاقن الدم، الأمر الذي يؤثر سلبا على المجهودات التي تهدف للرفع من مخزون الدم.

وحث فلاق، المجتمع المدني على الانخراط لدحض هذه الشائعات ولتوعية الناس بمدى أهمية التبرع بالدم خصوصا في شهر رمضان الذي يعرف عزوفا للمواطنين عن التبرع بالدم. ولهذا فمراكز تحاقن الدم بالمغرب تفتح أبوابها في ليالي رمضان بعد الافطار لاستقبال متبرعين وجمع كميات كافية من الدم.

الحاجة للقدوة

بدوره، أكد البروفيسور خالد فتحي، أستاذ بكلية الطب بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن التبرع ليس نوعا من التكافل بين المواطنين فحسب، بل هو في مصلحة المتبرع أيضا لأنه يستفيد من مجموعة من التحاليل مجانا كما أن التبرع يعود عليه بمنافع صحية.

وتابع خالد في سياق حديثه لـ”سكاي نيوز عربية”، “أعتقد أن الواجب يقتضي أن يبادر أيضا أعضاء الحكومة والبرلمان بالتبرع بالدم وإعطاء القدوة في هذا المجال. لأنه من غير المقبول أن يكون الاحتياطي ضئيلا جداً، خصوصا أن المغرب بلد مسلم وتقاليده تحض على الكرم والتضحية والتضامن مع المحتاج، وليس هناك حاجة أكبر من قطرات دم تحافظ على الحياة.”.

الدكتور فتحي استرسل قائلا “أعتقد أن ثقافة التبرع والتطوع، يجب ترسيخها في عقول الناشئة منذ الصغر في البرامج الدراسية، هذه هي الاستراتيجية المُثلى لإعداد جيل يستجيب لنداءات الوطن، وقد كانت جائحة كورونا أيضا سببا إضافيا عقّد وضعية مراكز تحاقن الدم.

وبحسب فتحي، فإنه ينبغي بذل مجهود تواصلي لتشجيع المغاربة، فحتى من أصيب بكورونا يمكنه التبرع بعد شهر من الشفاء، وكذلك كل من تلقى جرعات اللقاح بعد سبعة أيام على الحقنة، كما أن هناك أفكاراً خاطئة عن التبرع يجب محاربتها، فكل من تجاوز 18 سنة ويتمتع بصحة جيدة يمكنه التبرع بشكل دوري كل 3 أشهر.

وزاد أستاذ الطب: “على الحكومة أن ترسل رسائل نصية على الهواتف، وعلى خطباء المساجد القيام بدورهم في التوعية.

وقال “ألاحظ أن هناك إقبالا كبيراً على الحجامة، فلماذا لا يكون نفس الإقبال على التبرع بالدم؟ ينبغي فقط القيام بحملات ناجعة لإيصال خطاب التبرع إلى الجميع بأسلوب سلس وسهل وفعال”.

مساجد تستقبل المتبرعين

خصصت مراكز تحاقن الدم بعدد من مناطق المملكة مجموعة من المساجد للتبرع بالدم خلال شهر رمضان، وذلك في ظل الخصاص الكبير المسجل في مخزون الدم بالمراكز الصحية.

في هذا السياق، نشرت الصفحات الرسمية لمراكز تحاقن الدم بغالبية جهات المملكة إعلانات بخصوص المساجد التي تم تهيئتها لاستقبال المتبرعين طيلة الشهر الفضيل.

وقررت مراكز تحاقن الدم تخصيص فرق طبية وتمريضية بالمساجد التي ستحتضن حملة التبرع بالدم، وذلك في الفترات التي تلي الإفطار و خاصة بين صلاتي المغرب والعشاء وكذلك بعد صلاة التراويح.

وشهدت حملة التبرع بالدم في اليومين الماضيين إقبالا ملحوظا للمصلين وهو ما دفع القائمين على مراكز تحاقن الدم لبرمجة مساجد أخرى.

وعود وزارة الصحة

من جانبها، وعدت الوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ردا على انتقادات المعارضة، بتطوير عمل منظومة تحاقن الدم في المغرب، كما وعد الوزير خالد آيت الطالب بإحداث بناية جديدة للمركز الجهوي لتحاقن الدم بالدار البيضاء، إذ قام مؤخراً بزيارة تفقدية للمركز الجهوي لتحاقن الدم بجهة الدار البيضاء سطات، اطلع خلالها على الخدمات الصحية التي تقدم للمواطنات والمواطنين.

ووعد المسؤول الحكومي، مسؤولي وأطر المركز الجهوي لتحاقن الدم بمحافظة “الدار البيضاء سطات”، خلال الجولة التي قادته إلى مختلف مرافق المؤسسة الصحية، بإحداث بناية جديدة تستجيب للمعايير الدولية، من شأنها الاستجابة للطلب المتزايد على الدم ومشتقاته، وتحسين ظروف العمل والخدمات المقدمة، والنهوض بمنظومة تحاقن الدم في المنطقة.

سكاي نيوز عربية

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *