الرباط- جريدة le12.ma

في تزامن مع الزيارة التي يقوم بها رئيس الحكومة الاسباني «بيدرو سانشيز»، أجرت اليومية الاسبانية الواسعة الانتشار ABC حوارا مع إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي نشرته في عددها اليوم الأربعاء.

وقدمت الجريدة، للحوار وفق ترجمة جريدة الإتحاد الإشتراكي، بالشكل التالي: في اللحظة الأشد توترا من أزمة الهاجرين في سبتة، صرح ) إدريس الشكر ، زعيم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، نظير الحزب العمالي الاشتراكي الاسباني لجريدة «ABC»(الآ.بي.سي) أن مدريد والرباط يعيشان واحدة من أخطر الأزمات في تاريخهما المشترك . وبعد مرور سنة تقريبا حدثت الخطوة التي طالما طالب بها المغرب اسبانيا والمتعلقة بالاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء ، والتي سمحت بمجيء بيدرو سانشيز إلى الرباط .

ويقول لشكر بأن «المغرب يأخد على عاتقه حماية أوروبا وليس إسبانيا فقط» وهو ما يدعو الدول الأوروبية ) الأخرى إلى اتخاد مواقف مماثلة في القضايا التي تهم المغرب..».

 وفي ما يلي نص الحوار.

 

كيف يقييم حزبكم تغير الموقف الإسباني اتجاه قضية الصحراء؟

بداية، لا يتعلق الأمر بتغيير أو انقلاب كما سماه البعض، بل بتطور في الموقف الرسمي للدولة الإسبانية بأجهزتها الأمنية منذ حكم فرانكو، والتي تطور موقفها من تأسيس للانفصال، ثم دعمه، ثم ما يمكن تسميته بالحياد السلبي، إلى ممارسة مسؤوليتها التاريخية والأخلاقية اتجاه دولة جارة ودعمها للحل في إطار التجاوز الإيجابي لأخطاء الماضي. فإسبانيا والمغرب جاران وشريكان استراتيجيان، والتطور الإيجابي في الموقف الإسباني سيسمح بفتح صفحة جديدة في هذه الشراكة ستكون مثمرة للشعبين الصديقين. وقد اعتبرنا في إبانه، الموقف الحالي تطورا مهما.

وكما قال بيدرو سانشيز أمام مجلس النواب الإسباني مؤخرا، فالقرار الإسباني هو خطوة أخرى على الطريق الذي بدأ قبل 14 سنة عندما رحبت الحكومة الإسبانية بالحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب كمساهمة قيمة في حل نزاع استعصى على الحل لأكثر من أربعة عقود.

ما الذي حصل في نظركم حتى تغير إسبانيا مواقفها التاريخية؟

ما زلت متشبثا بأنه تطور في الموقف، وليس انقلابا أو تغييرا. وأعتقد أن الحكمة والشجاعة السياسية انتصرتا لما فيه مصلحة الشعبين. ونحن سعداء أن أصدقاءنا الإسبان، وخاصة بالحزب الاشتراكي العمالي تمكنوا من تجاوز الإرث الفرنكاوي وطي صفحته الإمبريالية. فالقادة الاشتراكيون بإسبانيا لهم معرفة دقيقة بتاريخ الصراع وحيثياته، كما أنهم يعون أن التنمية والاستقرار لخدمة الإنسان أولا، والإنسان هنا هم بنات وأبناء الصحراء وساكنتها التي تنعم بالاستقرار والأمن والنماء الذي تعرفه كافة مناطق المغرب الجنوبية.

وبالنسبة لنا فقد امتلكت إسبانيا الذكاء الاستراتيجي في قراءة التحولات التي تطرأ على غرب المتوسط، الشيء الذي جعلها تختار الجانب الصحيح من التاريخ، المفتوح على المستقبل والازدهار والسلام.

خطوة إسبانيا مهمة لكنها ليست حاسمة، ففي نهاية المطاف لم يتغير شيء، لماذا يحتفي المغرب بالتفاتة إسبانيا مادام موقف الأمم المتحدة على حاله؟

على العكس، الرأي العام الدولي والمنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، تطور موقفها كثيرا من القضية، سواء في أمريكا أو أوروبا أو إفريقيا أو آسيا، وسرنا جدا التحاق إسبانيا.

نحن فخورون بما حققته بلادنا، وتواقون لما سينجز في المستقبل من تطور، وها أنتم تتابعون المواقف المعبر عنها عبر العالم.

كما أن المغاربة يحبون إسبانيا، وفخورون بالمشترك بيننا على الصعيد الثقافي والاقتصادي والاجتماعي، والمغاربة شعب عاطفي يقدر الجوار ويحب السلام.

لذلك، فالخطوة الإسبانية مهمة لأنها، من جهة، اعتراف ضمني باستيعاب القادة الإسبان لأهمية قضية الصحراء والوحدة الترابية عند المغاربة قيادة وشعبا، وهي كذلك فرصة لإعادة العلاقة بين الدولتين والشعبين.

ودولة إسبانيا ليست أي دولة أخرى، بل هي حلقة وصل أساسية مع الاتحاد الأوروبي، ولها معرفة بالتاريخ وتملك الكثير من الحقائق حول التراب المغربي في الجنوب، كما أنها عضو في مجموعة أصدقاء الصحراء، والتي يؤخذ رأيها بالاعتبار أثناء مناقشات الأمم المتحدة.

 حوار جريدة «ABC» مع لشكر كما ترجمته و تنشره غدا جريدة الإتحاد الاشتراكي
حوار جريدة «ABC» مع لشكر كما ترجمته و تنشره غدا جريدة الإتحاد الاشتراكي

هل تعتقد أنه حصل هناك اتفاق حتى لا يستمر المغرب في فتح سياجي سبتة ومليلة كلما حصلت مشكلة مع إسبانيا؟

أولا، المغرب لا يفتح أي سياج ولا يتلاعب بسلامة مواطنيه أو الأفارقة العابرين عبر ترابه، بل إن المغرب لم يعد مجرد أرض عبور، بل ملجأ آمنا للمهاجرين الأفارقة والسوريين وغيرهم.

ما حصل كان حادثا مؤسفا تسبب فيه غياب التواصل بين الجانبين وتصدع التنسيق.

المغرب يأخذ على عاتقه حماية أوروبا وليس فقط إسبانيا التي بدورها تعتبر بلد عبور بالنسبة للعديد من المهاجرين. وهذه المهمة مكلفة ماديا ومعنويا للمغرب حكومة وشعبا، وأوروبا عليها أن توضح أكثر مواقفها بهذا الشأن وتوفر لذلك الإمكانيات الضرورية.

لقد كانت رسالة رئيس الدولة المغربية، جلالة الملك محمد السادس، إلى القمة المنعقدة في فبراير الماضي بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، واضحة حول فهم المغرب لإشكالية الهجرة وعمله من أجل شروط إنسانية ومقاربة واقعية لها.

الضريبة التي دفعتها إسبانيا لموقفها الجديد اتجاه ملف الصحراء كان هو جلب عداوة الجزائر التي استدعت سفيرها قبل أيام من مدريد، ألا تعتقدون أنه ثمن مرتفع بالنسبة لإسبانيا؟

على العكس، إنها فرصة للنظام الجزائري لتجاوز أخطاء الماضي والتوجه نحو المستقبل.

أنا أتساءل: لماذا هذه الرعونة في التعامل مع إسبانيا في حين أن دول أخرى سبقت الإسبان لنفس الموقف كفرنسا وألمانيا، بل إن الولايات المتحدة الامريكية ودول الجامعة العربية وعديد الدول بإفريقيا وأمريكا اللاتينية تعترف بمغربية الصحراء ولم يقم النظام الجزائري بأي رد فعل اتجاه هذه الدول؟

إذا لماذا المزايدة على الإسبان؟

كان الأولى أن تحذو الجزائر حذو إسبانيا في موقفها الشجاع والحكيم والواقعي، وتساهم في جعل حوض البحر الأبيض المتوسط بحيرة للسلام والمستقبل المشترك.

على أية أسس يجب أن تبنى الآن العلاقات بين إسبانيا والمغرب؟

الثقة والاحترام أساسا، لأننا ملزمون بالعمل سويا ولأن التغيرات، بل والاضطرابات الجيو-استراتيجية تفرض علينا أن نحدد من هم أصدقاؤنا بشكل دقيق، لأن ذلك لا يحتمل الخطأ حتى لا نعدد الجبهات ولا نغفل على المهم بالنسبة لأي دولة وهو توفير الأمن والاستقرار والرفاه لمواطنيه.

* حوار- جريدة «ABC»

ترجمة- جريدة الإتحاد الاشتراكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *