الدافري

*أحمد الدافري

في الندوة الصحفية التي عقدها كاتب دولة الولايات المتحدة الأمريكية في الخارجية أنطوني بلينكن، في مقر السفارة الأمريكية بالعاصمة الجزائر، بعد انتهاء الزيارة التي خص بها هذا البلد، والتي دامت حوالي خمس ساعات، قال ردا عن سؤال حول العلاقات الأمريكية الجزائرية:

“تعود العلاقات بين بلدينا إلى زمن بعيد يعود إلى عام 1795، عندما كانت معظم بلدان العالم لا زالت لم تعترف ببلدنا الشاب. ووقع الداي حسن باشا، الذي كان قائدا لما كان يسمى آنذاك دايلكة الجزائر، معاهدة سلام مع رئيسنا الأول، جورج واشنطن”.

الجزائر يا سادة في هذه الفترة من التاريخ التي تحدث عنها بلينكن، كانت مجرد دايلكة Deylik (إمارة) يحكمها حاكم من الأتراك العثمانيين يسمى الداي حسن باشا. وكان الداي حسن العثماني التركي يقطن في مدينة الجزائر فيما كان يسمى قصر السلطان.

 وكانت هناك ثلاث بايلكات Beyliks (إمارات) تابعة لدايلكة الجزائر يحكم كلا منها باي تابع في الحكم للداي، وهي بايلكة الشرق وعاصمتها قسنطينة، وبايلكة الغرب وعاصمتها وهران، وبايلكة التيطري وهي الأصغر وعاصمتها هي مدينة المدية، وتقع جنوب دايلكة الجزائر، وكانت هذه الإمارات/ دايلكة الجزائر والبايلكات الثلاث التابعة لها، تشكل ما يسمى إيالة الجزائر la régence d’Alger  يعني أن إيالة الجزائر كانت تتكون من أربع إمارات يحكمها أتراك (انظر خريطة إيالة الجزائر قبل الاحتلال الفرنسي) ، وكانت هذه الإيالة واقعة في شمال إفريقيا شرق الإمبراطورية المغربية الشريفة ( المملكة المغربية حاليا، انظر خريطتها وقتئذ). والباقي معروف تاريخيا.

 

فعندما احتلت فرنسا دايلكة الجزائر وبايلكات الشرق والغرب والتيطري، قامت بتوسيع احتلالها شرقا باحتلال أراضي جيرانها التونسيين الذين كانوا هم أيضا تحت حكم بايات أتراك، وغربا وجنوبا باقتطاع أراض من الإمبراطورية المغربية الشريفة، وأعطت فرنسا اسما جديدا للأراضي المستعمرة، وسمتها L’Algérie وجعلت عاصمتها هي Alger التي كانت مقرا لحكم الداي.

 وهناك فرق بين Alger العاصمة، وبين Algérie الدولة الجديدة التي أسسها الفرنسيون المحتلون لأراضي جيرانهم. لكن الجزائريين يسمون عاصمتهم باسم الجزائر، ويسمون دولتهم كذلك باسم الجزائر. وهذا خطأ.

 فمن الناحية الفونيتيكية ومن حيث الكٍتابة ومن الناحية التاريخية والجغرافية، هناك فرق بين Alger العاصمة وبين L’Algérie الدولة التي أنشأتها فرنسا.

  هذا تاريخ تعرفه فرنسا ولديها عليه وثائق وخرائط وتعرفه الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا ولديهما عليه وثائق وخرائط.

 لذلك، حين تحدث بلينكن عن الداي حسن باشا، فهو كان يعرف ما يقول. وحين اعترفت الولايات المتحدة بمغربية الصحراء التي كانت تابعة للإمبراطورية المغربية الشريفة، فهي لم تعترف سوى بما يشهد عليه التاريخ.

 وحين يطالب نظام الجزائر بالحفاظ على أراضي دول المنطقة وفق ما تركه الاستعمار، فلأنه يعرف أن التاريخ لن يرحمه، وأن دولة الجزائر بخريطتها الحالية ما كان يمكن ان تكون لولا فرنسا باتفاق مع القوى الاستعمارية التي قسمت إفريقيا فيما بينها.

وهذا ما كان.

*كاتب/صحفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *