مراكش -le12.ma
بشعار “مدونة الأسرة على ضوء القانون المقارن والاتفاقيات الدولية”، انطلقت صباح اليوم في مراكش بشراكة مع عدة جهات، على رأسها النيابة العامة، أشغال المنتدى الثالث للمحامين المغاربة المقيمين بالخارج.
وتميزت الجلسة الافتتاحية لأشغال المنتدى بحضور وازن، يتقدمه عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، وممثل الرئيس الأول لمحكمة النقض -رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والكاتب العام لوزارة العدل -ممثلا لوزير العدل، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج في مجلس النواب، ورئيس المجلس العلمي بمراكش، ورئيس الهيأة الوطنية للعدول بالمغرب، وممثل المجلس الوطني لهيأة الموثقين بالمغرب، والنقيب رئيس هيأة المحامين بمراكش، ورئيس جمعية المغاربة من أصول مغربية الممارسين بالخارج، وغيرهم من الأساتذة والنقباء والشخصيات المنتمية إلى سلّك القضاء والمحاماة والمهتمّين بقضايا الهجرة.
وافتُتحت أشغال المنتدى بكلمة لعبد الكريم بنعتيق، توقف فيها عند مدونة الأسرة، إحدى أهم محاور المنتدى، والمتعلقة بالتحولات المجتمعية، والتي “تنظم، بقواعد قانونية، أحد أهمّ مرتكزات المجتمع، وهي الأسرة”، كما قال بنعتيق.
وتابع بنعتيق أنهم حين فكروا، في الوزارة، في تنظيم المنتدى الثالث انطلقوا من قناعة راسخة تتجسد في الالتزام بخلاصات المنتدى الثاني في أكادير. وقد أخذنا آنذاك على عاتقنا أن نهتمّ بكل القضايا المرتبطة بمغاربة العالم، سواء في دول الاستقبال أو في علاقتها بالمنظومة القانونية في البلد الأصلي”.
وتابع بنعتيق أن وزارته “ترجمت هذه القناعة انطلاقا من التوجيهات الملكية، من منطلق أن جلالة الملك يولي اهتماما خاصا واستثنائيا بمغاربة العالم. فخمسة ملايين مغربي يعيشون في مختلف من القارات، وخصوصا في أوربا، ما يمثل 13% من المغاربة، بما يمثلونه من ثقل ووزن، سواء في ارتباطهم بالوطن الأم أم من خلال حضورهم في مجموعة من المواقع لصناعة القرارات؛ ذات طابع اقتصادي أو خدماتي أو ثقافي.. نحن، إذن، نترجم اليوم التزام أكادير وننظم في هذا المنتدى الثالث ندوة علمية مهمة”.
وواصل الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة “سنجتمع طيلة يومين من أجل نقاش هادئ ورزين، سيطبعه الإنصات المتبادَل وقبول الاجتهاد والاجتهاد الآخر، والتفكير في تطوير مجموعة من الآليات ما دام أن لمدونة الأسرة علاقة مباشرة بكل المغاربة، سواء في الخارج أم في الوطن الأم. وقد أخذت الوزارة على عاتقها تعبئة كفاءات مغاربة العالم، وربما لاحظتم أننا قمنا، طيلة عام ونصف، بعمل متواضع لكنه أساسيّ في تعبئة الكفاءات في كل المجالات؛ وها نحن اليوم نترجم هذه التعبئة في إطار محامي مغاربة العالم، الذين نفتخر بكونهم نظموا أنفسهم في إطار جمعية محامي مغاربة العالم، يشتغلون في مجموعة من الدول، أشكرهم وأنوّه بوطنيتهم العالية، لأنهم رغم الظروف الصّعبة ورغم التزاماتهم المهنية استجابوا وتجاوبوا مع هذه اللحظة ذات الاجتهاد العلمي وحضروا في هذا المنتدى الثالث”.
وأضاف بنعتيق أن “تعبئة الكفاءات معناه، أولا، تقوية الجسور بين المغاربة حيثما كانوا، في كل القارات، وبين الوطن الأم. ثانيا، تأسيسهم بأن المغرب يتطور، وبأنه يجتهد في مجموعة من القطاعات، وبأن هذا التطور والاجتهاد رهينان بمشاركة الجميع في النقاش وفي الاقتراح وفي صياغة التدابير”.
وشدّد بنعتيق في كلمته الافتتاحية على أن “المغرب اختار، تحت قيادة جلالة الملك، أن يجابه التحدّيات، ليس بمنطق الهروب إلى الأمام، وليس بمنطق صياغة أجوبة جاهزة، بدون التفكير في الأسئلة وبدون مناقشة كل التعقيدات.. ومن بين هذه التعقيدات التحولات المجتمعية الطارئة، سواء في المغرب أم في بلدان الاستقبال”. وأضاف أن “المغرب، بأجياله، الأول والثاني والثالث، وكلما تقدّم الزّمن المعتاد تطورت المجتمعات؛ وكلما تطورت هذه المجتمعات طفت على السطح مجموعة من التعقيدات.. ومجابهة هذه التعقيدات، لا سيما ذات الطابع الاجتماعي، لا تكون بردود فعل آلية، تقنية وذات طابع ميكانيكي أحيانا، بل تتم مجابهتها باجتهادات رصينة وعميقة يتولاها نساء ورجال لهم إلمام ومن أهل الاختصاص”.
إن كل النقاش الذي سيترتب عن المنتدى الثالث، يضيف بنعتيق، “سيشكل لبنة لفتح نقاش لمقاربة الحصيلة الأولية لمدونة الأحوال الشخصية وأليات تطبيقها على أرض الواقع، بعد 14 سنة من اعتماد المدونة. ونحن نؤمن بأن كل التعقيدات وكل الأسئلة قد تكون مُلحّة، لكنها تقتضي نقاشا رزينا وهادئا، نقاشا عمقُه قانوني لكي تكون الأجوبة رهينة كل المواطنين”.