محمد سليكي

 

بنفي سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، وجود تعديل حكومي يلوح في الأفق، تكون خيبة آملِ أخرى قد تلقاها من لا يزالون ينتظرون، مغادرة وزراء فاشلون وآخرون لا يعرفهم احد، سفينة حكومة العثماني المهددة بالغرق.

ففي الوقت الذي كانت فيه قواعد واسعة من الشعب تلقي آمالا كبيرة على تعديل حكومي موسع لحكومة العثماني، خرج هذا الأخير أمس السبت بطنجة بتصريح صحفي قال فيه:”لا علم لي بوجود تعديل حكومي”.

العثماني، سيمضي قائلا:”ليس هناك تعديل حكومي”، وكأن الرجل بلغ إلى علمه وجود ضمانات باستمرار تركيبة هذه الحكومي، دونما تعديل حتى نهاية ولايتها.

لقد نسي العثماني، أن سلفه وكبيرهم الذي علمهم”المكر” عبد الإله ابن كيران، لطالما كان يصرح بنفي وجود تعديل حكومي، ويأتي في اليوم الموالي بنقيضه.

لذلك فحكومة، العثماني، التي شيدت تركيبتها باستوزارات جبر الخواطر عند هذا الحزب وذاك، لن تظل بمعزلٍ عن تعديل يُخرجها من حالة التيه والشتات وعدم الانسجام..

ولعل ما يدعو فعلا إلى استعجال تعديل حكومي، ليس فضائح وزراء بعينهم كالوزير يتيم، وإنما فضيحة تدبير بعض القطاعات الوزارية بمنطق”يدك ويد القابلة”، بمعنى أن وزراء معينون وجدوا أنفسهم ما بين سندان “مسامر الميدة” بمحيطهم، ومطرقة مصالح تجمعهم بـ “أسلافهم”.

لقد قاد منطق استبدال وزير وافد بآخر مغادر من ذات الحزب، عند التعديل الحكومي الذي أعقب الغضبة الملكية الأخيرة، بسب تعثر مشروع “منارة المتوسط”، إلى وجود وزراء لا إستقلالية لهم في اتخاذ قرارات بعينها، وهذا عطب من اعطاب التعديل الحكومي السابق، بعدما شيد جزء منه، على لعبة “اللاحق يتستر على فضائح السابق”..

ولتأكيد هذا “المسخ الحكومي”، يكفي أن نساءل رئيس الحكومة، حول ما إذا كان وزير الصحة مثلا، قد رفع إليه منذ تعيينه ملفاً واحدا تحوم حوله شبهات الفساد ويهم عهد سابقه؟ والحال أن إدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات صرح أن قضاته “غادي يسكنو هاد العام” في وزارة الصحة.

وهل شرب الوزير التقدمي، عبد الأحد الفاسي حليب السباع، ورفع إلى رئيس الحكومة، بدوره تقريرا حول ملفات تعوزها الشفافية حتى لا نقول يطبعها الفساد، تهم عهد الوزير نبيل بنعبد الله المقال من هذا المنصب، بأمر ملكي.

بطبيعة الحال، لم ولن يكون رئيس الحكومة، قد توصل بهكذا ملفات من وزراء يقولون ما لا يفعلون، همهم التستر على فضائح بعضهم البعض، وإدارة العمل السياسي بمنطق”الهمزة” و”الغنيمة”، حتى إذا جاءهم يوم الحساب الانتخابي قالوا “إن التحكم” هو “سبب انحباس المطر” أو هكذا “طنز”.؟؟؟.

وبالعودة إلى حكومة ابن كيران، نجد أنفسنا ونحن نتحدث عن التعديل الحكومي المرتقب، كما لو أن التاريخ يعيد نفسه، بأحداث متشابهة، لكن بشخصيات مختلفة.

فالكل يتذكر كيف تولى أمحند العنصر، وزارة  الشباب والرياضة خلفا للوزير الحركي  محمد اوزين بسب “فضحية الكراطة”، وأنه لم يكن صدفة غير تستر “اللاحق عن السابق “، أن يتم تعيين عبد العزير عماري، وزيرا لوزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني التي اخرج منها وزير العدالة والتنمية، الحبيب الشوباني بسب فضيحة”الزعطة “،  فضلا عن تعيين جميلة مصلي عن حزب العدالة والتنمية وزيرة منتدبة في التعليم العالي والبحث العلمي مكان سمية بن خلدون بطلة ما سمي بفضحية “الكوبل الحكومي”، والحركي خالد برجاوي خلفا لوزير السنبلة المقال عبد العظيم الكروج المعروف بـ” وزير الشكلاطة”.

لقد كان ابن كيران، وقتها كما سلفه العثماني اليوم، ينكر وجود فضائح أبطالها وزراء في حكومته، مستهزئاً بقهقهاته “البايخة”، من كل مطالب بتعديل حكومي، حتى عصف بهم الإعفاء الملكي، وكانوا، نسيا منسيا، وظهر مع ذلك رئيس حكومتنا للأسف كـ”الأطرش في الزفة”، على رأي الإخوة المصريين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *